المصدر: كتاب أعلام فلسطين في أواخر العهد العثمانيّ- للأستاذ عادل منّاع:
أحد زعماء آل أبو غوش في النصف الأول من القرن التاسع عشر. تولّى مع أخيه جبر زعامة بني مالك وقيادة صف اليمن مدة طويلة، ولذلك لُقّبا بمشايخ جبل القدس. وشارك في ثورة سنة 1834 على الحكم المصري في فلسطين، فسجنه إبراهيم باشا في عكا. وعقد الأخير صفقة مع آل أبو غوش أطلق إبراهيم بموجبها وعيّن أخاه جبر متسلم (حاكم) سنجق القدس في مقابل انسحابهما من صفوف الثوار، الأمر الذي أضعف تلك الثورة وسهل على إبراهيم باشا عملية القضاء على التمرد.
يتفق معظم المصادر والمرجع العربية والأجنبية على أنّ أصل آل أبو غوش من العساكر الشراكسة (1)، قدِموا إلى البلد مع الفتح العثمانيّ. وفي القرن السادس عشر عيّنتهم الدولة لحراسة الطريق الرئيسة بين يافا والقدس، فسكنوا قرية العنب وبنوا مركزهم فيها. وأصبح آل أبو غوش بعد ذلك من العائلات الإقطاعية القوية في المنطقة وزعماء صف اليمن في جبل القدس.
ويرتبط اسم العائلة بقرية العنب ومشيختها منذ أواسط القرن الثامن عشر. وقد برز في أواخره الشيخ عيسى أبو غوش الذي يُعتبر مؤسس العائلة. وفي نهاية القرن الثامن عشر توفي عيسى أبو غوش، زعيم العائلة، وخلّف أولاده الأربعة، عثمان وإبراهيم وجبر وعبد الرحمن، الذين أصبحوا مؤسسي فروع آل أبو غوش الرئيسية حتى يومنا هذا.
وبعد وفاة عثمان البكر ورثه إبراهيم في زعامة العائلة ومشيخة ناحية بني مالك. وذلك منذ أواخر سنة 1226ھ/1811م على الأقل. ففي ذلك التاريخ يرد اسمه في سجل المحكمة الشرعية في القدس مقروناً بلقب شيخ مشايخ نواحي القدس. ووطّد إبراهيم زعامته على المنطقة بالتعاون مع إخوته وأقاربه، واصطدم في سبيل ذلك مع العائلات الإقطاعية المنافسة، وعلى رأسها آل سمحان، زعماء صف القيس في جبل القدس. واستمرت المناوشات بين الصفين مدة طويلة، وكانت المعارك بينهم تتجدد بين الفينة والأخرى، لكن التفوّق فيها كان غالباً لآل أبو غوش في ذلك العهد.
وكان لمشايخ النواحي التزام جمع الضرائب في مناطقهم، فقوى ذلك مركزهم الاقتصادي والاجتماعي أيام ضعف الإدارة والحكم العثماني في المنطقة. فقد جمع هؤلاء ثروة كبيرة من وظيفتهم تلك، بالإضافة إلى ضريبة الغفر التي كانوا يجبونها من أهل الذمة المارين على الطريق بين القدس ويافا. وقد وصل مركز إبراهيم وعائلته أوجه في النصف الأول من القرن الماضي وحين قام تمرد في القدس على الحكم العثماني في فترة 1824-1826 لم يستطعْ ولاة الشام وعكا إعادة احتلال المنطقة مدة طويلة. ولم ينجحْ عبد الله باشا، والي عكا، في ذلك إلا بعد استمالة إبراهيم أبو غوش وجماعته وتعهّدهم فتح الطريق أمام جنوده. وفعلاً تقدّم جيشه إلى القدس. وبعد حصارٍ قصير للمدينة فتحت سلماً وعاد الحكم فيها إلى والي الشام.
وحين تقدّمت جيوش محمد علي باشا لاحتلال فلسطين في أواخر سنة 1831، طلب إبراهيم أبو غوش الأمان، وقدّم الطاعة للحاكم الجديد. وكانت سياسة محمد علي وحكمه للمنطقة يتناقضان ومصالح أبو غوش منذ البداية. فقبل فتح عكا اصدر إبراهيم باشا الأوامر إلى علماء القدس وأعيانها بإبطال ضريبة الغفر والأموال المفروضة على الكنائس والأديرة. وأدّت هذه السياسة إلى التذمّر والسخط بين عائلات العلماء والأعيان في لواء القدس، فتخوّف إبراهيم باشا من قيام ثورةٍ قبل تمكّنه من المنطقة. لكن إبراهيم باشا أتمّ احتلال الشام وأقام حكْماً مركزياً قوياً كانت نتيجته الحتمية تضييق الخناق على نفوذ مشايخ الإقطاع في المناطق الريفية، أمثال أبو غوش. ولذا، حين قامت الثورة على الحكم المصري في فلسطين سنة 1834 اشترك فيها آل أبو غوش وعلى رأسهم إبراهيم وأخوه جبر. وألقى إبراهيم باشا القبض على الأخيرين وألقاهما في سجن عكا. لكن محمد علي توصّل معهما إلى اتفاقٍ ينسحبان بموجبه من الثورة في مقابل العفو عنهما وإعادتهما إلى زعامتهما وتعيين جبر متسلماً على القدس. وفعلاً نفّذ الاتفاق ونجح الحكم المصري في القضاء على الثورة في جبل القدس، وعيّن جبر متسلّماً على اللواء في صيف سنة 1834. ولما كان إبراهيم في ذلك الحين عجوزاً هرِماً قام أخوه جبر بالدور الرئيسي في الزعامة والمشيخة. وبقِيَ إبراهيم على قيد الحياة حتى سنة 1836 على الأقل، إذْ يذكر اسمه مع أخيه جبر في حجج بيع وشراء عديدة تم تسجيلها في سجل المحكمة الشرعية في القدس. وتضعضع نفوذ آل أبو غوش في المنطقة مؤقتاً إبان الحكم المصري، وتوفي إبراهيم في أواخر الثلاثينات، لكن ابنه مصطفى قام بدور مهم بعد عودة الحكم العثماني في الأربعينات، كما سيجيء تفصيل ذلك في ترجمته.
(1) أكّدت مراجع علميّة أخرى أنّ أصل آل أبو غوش يعود إلى قبيلة شمر الطائية.. وقد سُمّيت العائلة بهذا الاسم نسبةً لمؤسسها وهو الزعيم القبلي محمد الملقب بأبي غوش، ابن عبد الله بن الضرغام من الفداغة من سنجارة من زوبع من شمر من طيء القحطانية، حيث قدم هذا الزعيم من الحجاز في بدايات القرن الثامن عشر الميلادي وكان أول ظهورٍ له في السجلات المدنية للمحاكم الشرعية في القدس حيث أوّل ما سكن سكن مدينة القدس. ومن ثمّ انتقل إلى قرية العنب التي تزعّمها فيما بعد وسمّيت باسمه "قرية أبوغوش".. ومن أولاده عيسى وعبدالله الملقّب بـ"أبو قطيش".
ومن رجالات أبو غوش الشيخ مصطفى أبو غوش الذي كان ندّاً قويّاً للحكومة العثمانيّة. وتوجد عائلات قريبة لـ"أبو غوش" منها البطاينة في الأردن حيث هم أبناء عمومة، والأحمد وأبو بكر والحوت في فلسطين والأردن، فهي تجتمع في الأصل عند الضرغام الفداغة سنجارة الشمرية.
وأبو غوش رأس صف اليمانية في جبل القدس حيث صمدوا أمام القيسية في الشمال والغرب والجنوب كما قال إحسان النمر. وعائلة أبوغوش تنتشر اليوم في القدس وقرية العنب وقرية عمواس المهجّرة ورام الله وغزة. المصادر:
- عمواس.. تأليف يعقوب أبوغوش- 2004.
- عشيرة البطاينة من بطون شمر في الأردن-2005.
- تاريخ شرقي الاردن وقبائلها، فردريك بيك-1934.
- تاريخ جبل نابلس والبلقاء،1975، إحسان النمر.