Wednesday 13 April 2011

أعلام مقدسية - أحمد آغا العسلي الدزدار

المصدر: كتاب "أعلام فلسطين في أواخر العهد العثمانيّ"، للأستاذ
 عادل منّاع:

(توفي سنة 1290ھ/1873م)
قائد قلعة القدس (دزدار) في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ومتسلم اللواء، ووكيل المتسلم أكثر من مرة خلال تلك المدة. جمع ثروةً كبيرة واشترى الكثير من الأراضي، وأصبح من أعيان المدينة البارزين في أواسط القرن الماضي.

هو أحمد آغا بن فضل الدين آغا العسلي. والعسلي عائلة عريقة في بيت المقدس، عُرِف منها كبار العلماء. لكن بعض أفرادها دخل الجندية، وخصوصاً في حراسة القلعة فعُين منهم قائد القلعة، الدزدار ولما شغل أفراد العائلة هذه الوظيفة جيلاً بعد جيل، غلب هذا الاسم على العائلة. وكان والده دزداراً، وجابياً للضرائب من القرى التابعة للخاص السلطاني. وانضمّ أحمد آغا إلى جند القلعة. ولما توفّي والده انتقلت الوظيفة إليه.

وحين نشبت ثورة 1825-1827 في القدس على رجال الدولة العثمانية، كان أحمد آغا أحد قادة تلك الثورة. وبسبب مؤهلاته العسكرية قاد مع يوسف آغا الجاعوني عملية الدفاع عن القدس بعد طردِ رجال الدولة منها. وطلبت الدولة من عبد الله باشا، حاكم عكا، إعادة فتح المدينة وتخليصها من أيدي المتمردين. وبعد عدة أيام من حصار المدينة وقصفها بالمدافع، توسّط العلماء بين قائد الجيش المحاصِر وبين قادة الثورة. وسُلّمت المدينة شرط العفو عن الثوار وعدم معاقبتهم. فأرسل أحمد آغا ويوسف الجاعوني إلى عكا. وتقرّر العفو عنهما مع نفيهما عن بيت المقدس. وأمّا أحمد فقد أُبعِد إلى نابلس مدة قصيرة فقط، ورجع إلى القدس بعدها وإلى منصبه في قيادة القلعة. وخلال العقد الثاني من القرن الماضي، أُوكِل إلى أحمد آغا منصب الميرالاي أيضاً، وهو قائد أصحاب الإقطاعات من الزعماء وأرباب التيمار في لواء القدس. وبعد عامٍ من تعيينه بالوكالة، عُيّن في تلك الوظيفة بالأصالة سنة 1241ھ/1826م. وفي رمضان 1244ھ/1829م عيّنه والي الشام متسلماً في لواء القدس بالوكالة بعد عزل المتسلم السابق.

ولما جاء الحكم المصري في الثلاثينات، ضعف مركز أحمد آغا في البداية لكنه تأقلم مع الحكام الجدد وتعاون معهم. وعيّنه محمد شريف باشا حكمدار إيالات الشام ليكون متسلّماً للواء القدس في 9 ذي القعدة 1254ھ/24 كانون الثاني (يناير) 1839 وبقِيَ في منصبه ذاك حتى 22ربيع الثاني 1256ھ/23 حزيران (يونيو) 1840م. وأُعطِيَت المتسلّمية إلى حسين راشد آغا. لكن الحكم المصري كان آخر أيامه، لما انسحبوا من البلد وعاد العثمانيون في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) عيّنوه متسلماً بالوكالة مرة ثانية. وفي مدة تسلّمه الحكم في القدس في أواخر العهد المصري، أثيرت قضية ساحة البراق التي طالب اليهود بالسماح لهم بتبليطها. وقد عارض المتولّون على وقف أبي مدين الغوث وعلماء بيت المقدس طلبهم هذا، فرُفع الأمر إلى السلطات المصرية العليا. وفي أيار (مايو) 1840م صدر مرسوم محمد شريف بمنع اليهود من تبليط ساحة البراق لأنها (تابعة لوقف أبي مدين ولم يسبقْ لهم هكذا أشياء بالمحل المذكور) ولذا يسمح لهم بالزيارة فقط من دون رفع أصواتهم وقت الصلاة.

وبعد عودة الحكم العثماني واستقراره، لم يتكرّرْ تعيين أحمد آغا متسلماً للواء القدس ثانية. لكنّه عُيّن في عدة وظائف أخرى. فقد عُيّن متولياً على أوقاف خيرية مهمة، بما فيها التكية العامرية، وناظراً لأوقاف خاصكي سلطان، بالإضافة إلى وظيفة الدزدار، قائد القلعة. وفي 19 ربيع الأول 1262ھ/17 آذار (مارس) 1846م عُيّن مأمور ضبطية الخليل. وفي الأعوام التالية استوطن أحمد آغا القدس. وكان ابنه محمد علي ينوب عنه في الكثير من أعماله. وجمع أحمد آغا من خلال عمله ثروة عظيمة، فاستثمر قسماً منها في شراء الأراضي في المناطق القريبة من القلعة. وفي تلك الفترة، في أواسط القرن الماضي، ازدادت أهمية القدس وقدُم الأجانب من مسيحيين ويهود، واستثمروا أموالهم في البناء والإعمار. وبدأت عملية البناء خارج الأسوار، فارتفعت قيمة الأراضي، وتاجر أحمد آغا فيها حتى أصبح من أثرياء القدس وأعيانها البارزين. وفي سنة 1271ھ/1855م باع أحمد آغا موشيه (موزس) مونتفيوري، الثري الصهيوني البريطاني المشهور، قطعة الأرض التي أقيم عليها حي يمين موشيه أو مشكنوت شأننيم، في الجهة الجنوبية الغربية من القلعة. وقبض أحمد آغا ثمن تلك الأرض مبلغاً قدره اثنا عشر غرشاً أسدياً، وهي العملة الدارجة في ذلك العهد. وقد بنى لنفسه، مثل باقي أعيان بيت المقدس، قصْراً فخماً خارج الأسوار، ويُقال إنّ اليهود ساعدوه في بنائه. وقد عمر طويلاً، إذ توفّي سنة 1873، أي بعد عام واحد من وفاة ابنه البكر الذي كان أحمد آغا يعتمد عليه كثيراً.

4 comments:

شارك برايك