Monday 21 February 2011

"الآثار والتاريخ والجغرافيا لبيت المقدس"1

المصدر: بقلم/ أحمد محمود القاسم:

تعتبر مدينة بيت المقدس، إحدى أهم بقاع الأرض قدسية عند المسلمين، وظهرت أهميتها الدينية منذ أن ظهرت مدينة مكة، وظهرت بها الكعبة المشرفة، التي بناها سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، فمدينة بيت المقدس، عرفت منذ العرب الكنعانيين اليبوسيين منذ 3500 عام ق.م. واليبوسيون هم إحدى القبائل العربية الكنعانية، التي هاجرت من الجزيرة العربية إلى أرض فلسطين، فبنوا مدينة بيت المقدس، وكان ملكهم في ذلك الزمان، ويدعى (ملكي صادق) وهو أحد الملوك الموحدين في ذلك العصر، ويقال إنه كان من الأنبياء الموحدين كسيدنا إبراهيم، وقد نصبه عدد من الملوك في المنطقة المحيطة بمدينة بيت المقدس، ملكاً عليهم، لسموّ أخلاقه ولكثرة تعبده، وكان يملك مغارة في إحدى مناطق بيت المقدس للتعبد بها، وكان على صلة قوية مع سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، فكما هو معروف، فقد كان سيدنا إبراهيم من الموحدين، وعندما هاجر من مدينة أور، في شمال العراق إلى مدينة بيت المقدس عبر مدينة "حران"، استقبله الملك (ملكي صادق) وأحسن استقباله، وقد عاش الاثنان في الفترة الزمنية مفسها، لذلك كانا على صلة كبيرة ببعضهم، وقد زار سيدنا إبراهيم الملك (ملكي صادق) في مدينة بيت المقدس مرات عديدة، وقامت بينهما صداقة متينة، وكانت تدعى مدينة بيت المقدس في ذلك الزمان بمدينة (يبوس) نسبة إلى أهلها اليبوسيين العرب الذين بنوها.

من المعروف أنّ المنطقة المقام عليها المسجد الأقصى المبارك، من المناطق المقدسة منذ القدم، وقد بُنِي فيها المسجد الأقصى بعد أربعين عاما من بناء الكعبة المشرفة، وكان يوجد في بقعة الأرض المقام عليها المسجد الأقصى حالياً، مسجداً (المسجد كلمة كانت تطلق على مكان التعبد منذ القدم) خاصاً للتعبد منذ ثلاثة آلاف وخمسماية عام قبل الميلاد، لذلك فإن هذه البقعة المقدسة من الأراضي الفلسطينية، هي ملك للعرب اليبوسيين منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا، وأية ادعاءات أخرى خلاف ذلك، تعتبر باطلة ولا أساس لها من الصحة.

أثبتت الحفريات "الإسرائيلية"، التي قام بها علماء الآثار الصهاينة، في منطقة المسجد الأقصى، منذ احتلالهم لمدينة بيت المقدس في العام 1967م من أجل البحث عن هيكل سليمان المزعوم، أنّه لا وجود لأي آثار، فيما يتعلق بالهيكل المزعوم، وقد ثبت للكثير من العلماء الصهاينة وغيرهم من العلماء، أن هذا الهيكل هو من صنع الخيال، حيث لم يثبتْ وجوده على مر العصور، ويقال إنّ هذا الهيكل سوف يهبط من السماء، حسب الوعد الإلهي لليهود، الذي يدّعي اليهود أنّ الرب وعدهم به، ولكنّه لم يهبطْ بعد، لذلك فلا وجود له بالمنطقة بالقطع، ولم يكنْ موجوداً بالأصل، وما الادّعاءات الصهيونية بوجود الهيكل المزعوم، إلا افتراءات وإفكٌ وبهتانٌ كبير.

عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة بيت المقدس، أمر ببناء المسجد الأقصى بها، في المكان المقدس الحالي، وتوالى من بعده المسلمون بترميمه وتوسعته، حتى أصبح بوضعه الحالي، ومما زاد من قدسية المكان وعظمته للمسلمين، إسراء سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام في مكة المكرمة، إلى المسجد الأقصى في مدينة بيت المقدس، وكان هذا في أواخر الحكم الروماني لمدينة بيت المقدس، وأيضاً، ترجع أهمية مدينة بيت المقدس للمسلمين، لأنّها كانت أولى القبلتين، وفيها ثالث الحرمين الشريفين، وهي عند المسلمين أيضاً أرض الرباط والجهاد، وحديث الرسول الكريم، عن فضل الصلاة فيها، كان من المبشرات، بأنّ القدس سيفتحها المسلمون، وستكون لهم، وسيشدّون الرحال إلى مسجدها، مصلّين متعبدين، وما يدّعي به الصهاينة اليهود (بحائط المبكى)، على أساس أنه من بقايا الهيكل، ما هو إلا (حائط البراق)، وهو الجدار الغربي من مبنى المسجد الأقصى المبارك، وهو المكان الذي ربط فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته (البراق)، ولذلك سمّي الحائط بهذا الاسم (حائط البراق).

هناك الكثير من الأجوبة لكثيرٍ من الأسئلة، التي تراود تفكير أبناء شعبنا العربي المسلم، وشعبنا المسلم في كافة أرجاء المعمورة، لأنّه قد لا يعرف حقيقة مثل هذه الأسئلة والأجوبة والتي قد تكون قد وصلت إليه وإلى ذويه وأقربائه بشكلٍ مغلوط، و تناقلتها العامة والخاصة، دون أنْ تدري بحقيقتها، خاصة وأنّ تاريخ الإنسان منذ العصور القديمة، مصدره هو كتاب التوراة المقدس، والذي حرف فيه اليهود الكثير من مواضيعه وأحكامه وأحداثه، وأعادوا كتابتها حسب رغيتهم وأمزجتهم، حتى تتفق مع أكاذيبهم وادعاءاتهم الباطلة، هذا الكتاب الذي عمل اليهود والصهاينة على تحريفه ليتفق مع أطماعهم وأهوائهم، يعتبره بعض المثقفين في العالم في وقتنا الحاضر، بأنّه المرجع التاريخي الوحيد، لكل التاريخ الإنساني، على الرغم من معرفة البعض منهم، بأنّ هذه التوراة ليست النسخة الأصلية، بل تم وضعها بعد حوالي ثمانمائة عام من نزول التوراة الحقيقية، على سيدنا موسى عليه السلام، من قِبَل أحد حكماء بني إسرائيل، والمدعوّ (عزرا)، بالتعاون مع عددٍ آخر من تلامذته، وقد اشتملت التوراة المحرفة، على الكثير من الأكاذيب والأباطيل ضد الأنبياء والرسل باسم الرب، ربهم، والذي يدّعونه (يهوة)، فعمل اليهود الصهاينة على توسيع كلّ ما يتعلق بتاريخهم، من أحاديث و أقوال وتأييد مزعوم لهم، وتقليص، بل وحذف وتحريف وتشويه، لكل ما لا يهمهم، لكثير من الصور والأمور، بحق الشعوب الأخرى التي ورد ذكرها خاصة الشعب الكنعاني اليبوسي، والمطلع على التوراة الحالية، يلمس بأنّ تاريخ البشرية، وكأنّه تاريخ بني إسرائيل فقط، وأنّ البشر في العالم، هم بني يهوذا فقط، ولا أحد غيرهم.

الآثار في مدينة بيت المقدس:
يُقال إنّ سور مدينة بيت المقدس، حوّلها إلى متحف كبير، لكثرة ما يوجد بداخله من آثارٍ ومقدسات، بحيث يشعر المرء عندما يتجاوز السور إلى داخل البلدة القديمة، وكأنّه يدخل إلى متحف للآثار، معدّ خصيصاً لعرض ما به من آثار، فيوجد داخل السور من المقدسات الإسلامية والمسيحية الشيء الكثير، فمن المقدسات الإسلامية مثلاً المسجد الأقصى والذي يضمّ بداخله المسجد القبليّ وقبة الصخرة، وهما من الأماكن الإسلامية المقدّسة لدى المسلمين، في كافة أنحاء المعمورة، كما يوجد حائط البراق، وهو المكان الذي ربط فيه الرسول الكريم دابته (البراق)، ثم عرج إلى السماوات السبع حتى يلقى ربه، كما يوجد أيضاً داخل السور كنيسة القيامة، التي يوجد فيها قبر السيد المسيح، ومنها حمل صليبه وجلد وعذب، وهي تعتبر أقدس بقعة في الأرض لدى المسيحيين، وهناك الكثير من الكنائس والمساجد والأديرة والقبور الهامة لأصحاب أجلاء.

No comments:

Post a Comment

شارك برايك