Thursday 17 February 2011

التأصيل التاريخي لعروبة مدينة القدس

لمصدر: عبد التواب مصطفى- مجلة رؤية- العدد السابع والعشرون- كانون الثاني 2004
يغلب على هذه الصفحات الطابع الببليوجرافي، لا التحليل؛ فهي تستهدف الوقوف على، أو الإلمام بجملة من المفاتيح والأدلة إلى المصادر والمراجع ذات الصلة المباشرة بواحدٍ من أهمّ جوانب قضية القدس، ألا وهو الجانب التاريخي.
في الوقت نفسه، تضع هذه الصفحات عروبة القدس، وتأصيل أدلّة هذا البعد المهم من أبعاد هوية المدينة العريقة، في بؤرة الضوء؛ لينال حقّه في الذود عنه، فإن الانتفاض دفاعاً عن القدس ليس مقصوراً على الاستشهاديين، أو المجاهدين، أو رماة الحجارة، فحسب، من أبناء الشعب الفلسطيني البطل، بل إنه -الذود أو الدفاع عن القدس- واجب ينسحب على كلّ من له علاقة بالمدينة المقدسة: وطنياً، أو قومياً، أو إسلامياً، أو(بحثياً)، في مواجهة تلك القلة من الصهاينة، المارقين على كل حقائق التاريخ، وثوابت الجغرافيا، وأصول العقائد الصحيحة.
فبرغم أن عروبة فلسطين، ومدينة القدس، باتت من المسائل المحققة علمياً، والمتواترة تاريخياً وسياسياً، لا تزال دوائر الدعاية الصهيونية عامة، و"الإسرائيلية" خاصة، تخوض وتتمادى في تنكرها لهذه الحقيقة. الأمر الذي يفرض ضرورة الإحاطة بأهم المصادر، التي توثق لعروبة هذا القطر، وهذه المدينة، وتفند الدعاوى الصهيونية و"الإسرائيلية" في هذه المسألة، خاصةً إذا كان جانب من هذه المصادر بمنزلة (شاهد من أهلها)؛ إذ إن المصادر اليهودية* قبل العربية والإسلامية تشهد بعروبة فلسطين، ومدينة القدس، وهو ما يضفي على هذه المعالجة الطابع العلمي الموضوعي، بعيداً عن الترويج الإعلامي، أو التحيز السياسي.
قبل الميلاد بنحو ثلاثة آلاف عام، كانت أولى الهجرات العربية الكنعانية إلى شمال شبه الجزيرة العربية، واستقرت على الضفة الغربية لنهر الأردن، أي المنطقة الجبلية من فلسطين، منسابة إلى البحر المتوسط. وسميت الأرض: من النهر إلى البحر، بـ "أرض كنعان"، وأنشأ هؤلاء الكنعانيون مدينة (أورسالم). ثم استقبلت تلك المنطقة -2500 ق.م- بعض القبائل القادمة من جزر البحر المتوسط، تسمى قبائل (فلستين)، إلى سواحله الشرقية الجنوبية، عُرِفوا بسكان السواحل أو (بالستين). واختلط هؤلاء المهاجرون الجدد بالكنعانيين، لكن غلب الدم الكنعاني على هذا الشعب، وغلب اسم (بالستين) على المكان.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــ
* انظر: - "الكتاب المقدس، العهد القديم"، طبعة دار الكتاب المقدس بالشرق الأوسط، توزيع معهد الدراسات القبطية بالمتر البابوي بالقاهرة، أسفار (التكوين- الخروج- التثنية- يشوع- القضاه- صمويل الأول- عزرا).
- "دائرة المعارف اليهودية العامة"، جـ 8، ص 358، نقلاً عن: ظفر الإسلام خان، تاريخ فلسطين القديم، ط 6، بيروت، دار النفائس، 1992، ص 153.
- د. محمد خليفة حسن، "عروبة القدس في التاريخ القديم مع نقد تحليلي لصورة أورشليم في العهد القديم"، رسالة الشرق، الجيزة، مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، 1995، ص 9 و53.
- د. جوزيف موسى حجار، "القدس- ماضيها وحاضرها"، ط1، دمشق، 1995، ص 8.
- محمد أحمد أبو الفوارس، "هل لبني إسرائيل حقوق توراتية في فلسطين العربية"، ط2، القاهرة، بيت الحكمة للإعلام والنشر والتوزيع، 1995.
- د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي، هل لـ"إسرائيل" حق تاريخي في فلسطين، ط1، القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، 2000، ص 157 و174.
- د. محمد سبعاوي، "القدس عربية بنص التوراة"، سطور، لندن، أغسطس، 1997، ص 35.
- د. عبد الخالق عبد الله جبة، "عروبة القدس في الفكر اليهودي"، الأهرام، القاهرة، 20/8/1996.
- أحمد عبد الوهاب، "القدس في الأسفار الإسرائيلية"، الأهرام، القاهرة، 25/8/1998.
(أبرز ما انتهت إليه هذه المصادر هو تقريرها، أو اعترافها- خاصة دائرة المعارف اليهودية- بأنّ فلسطين أصبحت بلاداً عربية، ليس بسبب الفتح (المحمدي) فحسب، ولكن لأنّ العرب قد أتوا إليها، منذ قرون مضت. وكذا أثبتت هذه المصادر أنّ كل الأسماء التي عُرِفت بها هذه المدينة- باستثناء إيليا- هي أسماء عربية، حتى (أورشليم، وصهيون).
ــــــــــــــــــــــــــــ
تؤكد أعمال التنقيب البريطانية التي تمّت في تلك المنطقة، عام 1961، أنّ الوجود الكنعاني اليبوسي بها، وبالقدس تحديداً، يعود إلى ثلاثة آلاف عام.(2)
كانت بعثة أثرية بريطانية قد أجرت أعمال التنقيب تلك، ولم تعثُرْ من خلالها إلا على فخاريات منقوش عليها، باللغة الكنعانية، أنّ المؤسسين الأوائل لمدينة القدس هم اليبوسيون، كما كشفت تلك البعثة أنّه كان بالمنطقة، التي وجدت بها تلك الآثار، قلعة لليبوسيين.(3) كان هذا من حيث نقطة البدء.. التاريخ.
أما من حيث الموقع. فقد جعل اليبوسيون مقر سكناهم بادئ الأمر، على بعض المرتفعات المجاورة لنبع ماء لا ينضب. وهو يدعى، اليوم، بعين أم الدرج، في قرية سلوان الواقعة في الضاحية الجنوبية من مدينة القدس الحالية. وحصَّن اليبوسيون ذلك الموقع، أو تلك المدينة.(4)
وبمرور الزمن، هُجِرت تلك المدينة، وحلّت محلها نواة رئيسية لمدينة أكبر، تقوم على مرتفعات وتلال أخرى، هي: مرتفع الزيتون، مرتفع الحرم، مرتفع صهيون، وهذه تقع داخل ما يعرف، حالياً، بالقدس القديمة، التي يحيط بها سور القدس الشهير، الذي بناه السلطان العثماني سليمان القانوني، في العصر الإسلامي، 1542م، والمعروف بأبوابه السبعة.(5)
أول اسم ثابت لمدينة القدس هو (أورسالم)، يوم أسّسها الكنعانيون العموريون، القادمون من جزيرة العرب، في بداية العصر البرونزي، أي قبل خمسة آلاف عام. وهذا الاسم العموري يعني (أسسها سالم). وقد ورد في نصوص مصرية قديمة، تعود إلى عهد سنوسرت الثالث (1879-1842 ق.م). ثم ذكرت في ألواح تل العمارنة، التي تضمّنت ستّ رسائل، بعث بها ملك المدينة (أورسالم) إلى أخناتون، فرعون مصر، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، تحديداً في 1370 ق.م. ثم ما لبثت تلك المدينة أنْ أخذت اسم (يبوس)، نسبة إلى اليبوسيين. وهم من بطون العرب، أيضاً، وقد بنو قلعتها (صهيون)، التي تعني بالكنعانية (مرتفع)، كما بنوا هيكلاً لإلههم (سالم)، فكان بيتاً للعبادة.(6)
كان اسم (أورسالم) قد ظهر، لأول مرة في التاريخ عام 2500 ق.م، على تماثيل مصرية صغيرة. ووجد، أيضاً، هذا الاسم على ألواح أثرية أخرى، اكتشفت مؤخراً في سوريا. أما اسم (يبوس) فقد وجد في رسالة آخر ملوك الكنعانيين (عبد حيبا) إلى فرعون مصر (تحتمس الأول)، عام 1550 ق.م، يطلب فيها الأول من الأخير عونه وحمايته، من بعض أعدائه، وكان خاضعاً -تابعاً- له.(7)
تذكر مصادر تاريخية أُخرى أنّ الملك اليبوسي (ملكي صادق) هو أول من بنى يبوس، وكان محباً للسلام، حتى أطلق عليه "ملك السلام"، ومن هنا جاء اسم المدينة (سالم). وبرغم أنّ تلك المدينة قد خضعت لفراعنة مصر، فلم يحاولوا تمصيرها، واكتفوا بتحصيل الجزية من سكانها. وكانوا يطلقون عليها تارة اسمها اليبوسي (يابيشي)، وتارة اسمها الكنعاني (أورسالم).(8)
لا تثبت المصادر التاريخية* ريادة العرب (الكنعانيين- العموريين- اليبوسيين) في عمران أرض فلسطين، وتشييد مدنها وقراها، فحسب، بل إنّ من هذه المصادر ما يعود بتلك البداية إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد، ثم إنها تلتقي جميعها، ومعها المصادر اليهودية -كما سبقت الإشارة- على حقيقة أن تلك الأرض كانت ملكاً لهؤلاء العرب، قبل أنْ تطأها قدما أبى الأنبياء، إبراهيم -عليه السلام- وقبل أن يكون هناك يهودية، أو يهود، أو إسحاق، أو داود. وظلت تلك الأرض عربية، كذلك، يوم نزل بها هؤلاء، بل ويوم تمكنوا -كما تمكن نزلاء أو غزاة كثيرون غيرهم- من إقامة ملك (عارض) لهم بتلك الأرض، سرعان ما سقط، ثم زال.
لم تحظَ مدينةٌ في التاريخ البشري، بما حظيت به القدس من أهمية، جعلتها محطّ أنظار النازحين، والنزلاء، والغزاة، وكان ذلك سبباً في احتلالها خمسةً وعشرين مرة، وتدميرها وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة.(9)
ــــــــــــــــــــــــــــ
* انظر: - د. هند أمين البديري، "أرض فلسطين بين مزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ"، دراسة وثائقية، القاهرة، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، 1998، ص 141 و 277.
- وليم فهيم، "الهجرة اليهودية إلى فلسطين"، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974، ص 67 و 95.
- كيث وايتلام، "اختلاق "إسرائيل" القديمة.. إسكات التاريخ الفلسطيني"، ترجمة: د. سحر الهنيدي، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة عالم المعرفة، سبتمبر/ أيلول، 1999.
- رجاء جارودي، "فلسطين أرض الرسالات"، ترجمة: د. عبد الصبور شاهين، القاهرة، دار التراث، 1986، ص 187.
- أسمهان شريح، "كنعان والكنعانيون"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، يوليو/ تموز، 2003، ص 10 و 25.
- د. عبد الرحمن رشدي الهواري، "عروبة فلسطين في التاريخ"، الوفد، القاهرة، 15/5/1998.
- د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي، "عروبة القدس منذ 400 سنة ق.م"، الأهرام، القاهرة، 30/11/1998.
- وجيه أبو ذكرى، "القدس عربية عبر العصور"، القاهرة، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، 1967.

ــــــــــــــــــــــــــــ
على طول الخريطة المديدة لتاريخ مدينة القدس، لم يكن لبني إسرائيل غير علاقة عارضة بهذه المدينة العريقة، ترامت هذه العلاقة بين سنوات متفرقات، كتلك التي أمضوها في بقاع أخرى من العالم، فيما بعد.
عندما هاجر سيدنا إبراهيم إلى هذه المنطقة، قادماً من بلاد ما بين النهرين "كان الكنعانيون، حينئذ، في الأرض"، كما تذكر التوراة. وكانت أورسالم يسكنها هؤلاء، ولهم ديانتهم، وملكهم، وعلاقاتهم بجيرانهم. وتذكر التوراة، أيضاً، أنّ أمير يبوس (أورسالم)، في ذلك العهد، كان (ملكي صادق).(10)
بينما يعود الوجود الكنعاني اليبوسي بتلك المنطقة إلى ثلاثة آلاف عام، نجدنا لا نسمع بأيّ وجودٍ للآراميين قبل عام 1600 ق.م، فإنّ نزوح القبائل السامية الآرامية من بلاد شمال ما بين النهرين، واستيطانها في الأراضي السورية، يعود إلى ما بين 1600-1200 ق.م.(11)
رحل يعقوب -ابن إسحاق بن إبراهيم- وأبناؤه من فلسطين إلى مصر، في 1620 ق.م.(12) وكان مكثهم في مصر أربعمائة وثلاثين سنة.(13) ثم رحل بنو إسرائيل من مصر، بقيادة النبي موسى، 1250 ق.م، وعبروا سيناء إلى فلسطين، وذلك في عصر رمسيس الثاني.(14)
دخل العبرانيون -بنو إسرائيل- فلسطين من جهة الشرق، بقيادة يوشع بن نون، واحتلّوا أريحا، ثمّ تسلّلوا إلى المناطق الجبلية (1152-1025 ق.م)، وأصبح لهم تجمّعان، في الشمال والجنوب، لم يرتبطا معاً إلا في عهد داود، الذي دخل مدينة سالم 1005 ق.م، واتخذها عاصمة لملكه، ثم تسلّمها سليمان، وأقام حولها سوراً على الأساسات التي وضعها اليبوسيون -بناة السور الأول- وبنى معبداً (960 ق.م) على أنقاض معبد اليبوسيين القديم.(15)
ما لبثت المملكة العبرية أنْ انقسمت، بعد وفاة سليمان إلى إمارتين: إمارة يهودا -أسرة داود وبني يهودا- وعاصمتها أورشليم (أورسالم). وإمارة إسرائيل في السامرة، وعاصمتها شكيم، بالقرب من نابلس الحالية.(16)
قضى ملك آشور على إمارة إسرائيل، عام 722 ق.م، وأجلى سكانها إلى بلاده. وتعرّضت الإمارة الثانية (يهودا) للعدوان الخارجي، أكثر من مرة، وكذا تعرض سكانها للسبي، مراراً. كان السبي الأول، عندما تعرّضت دولة يهودا لغزو بابلي، بقيادة الملك (سرجون)، الذي أسر من شعب يهودا (الكنعاني واليهودي) إلى بلاده أعداداً كبيرة. وأصبح لهم نفوذ، وأموال، وعبيد في ذلك المنفى. كان السبي الثاني إلى بابل، أيضاً، واشتهر أكثر لارتباطه بهدم هيكل سليمان، فقد غزا ملك بابل (نبوخذ نصَّر) يهودا، وكسر، نهائياً، عرش داود في أورشليم، عام 597 ق.م، وقوَّض الهيكل من جذوره، وعاد إلى بلاده بعشرة آلاف أسير من اليهود. وكان هدم الهيكل، في 9/8/586 ق.م. ثم سمح قورش ملك فارس لليهود بالعودة إلى أورشليم (538 ق.م) وسمح لهم كذلك بإعادة بناء الهيكل، فتم بناؤه في عهد نبيهم (عزير)، وأعانهم على ذلك ملك الفرس (بهمن)، الذي حدد لهم حدوداً دون بناء سليمان. ثم تداولهم ملوك يونان، والفرس، والروم، ثم استفحل الملك لصهرهم (هيرودس)، الذي حكمهم من قِبَل الرومان، فجدّد لهم الهيكل على بناء سليمان (11 ق.م)، غير أن أقلية منهم تمردت، مطالبة بالحكم الذاتي، فحاصرهم الإمبراطور الروماني فسباسيان، ثم ابنه تيتس، الذي تمكن من هدم الهيكل وتشتيت اليهود في أطراف الإمبراطورية الرومانية (70م)، ولم تقم لهم قائمة بهذه المدينة، حتى بداية الحركة الصهيونية الحديثة، في نهايات القرن التاسع عشر.(17)
وهكذا يتضح ترامي فترات الوجود اليهودي في فلسطين والقدس، وصفة هذا الوجود -غزواً، أو نزوحاً، ولجوءاً إليها- بينما تستمر القدس عربية، حتى خاطبت السماء المسيح -آخر أنبياء بني إسرائيل- وتلامذته، إذ كان الصوت النازل من السماء على المحتشدين في أورشليم/القدس، من الرسل، والتلامذة، يتحدث بالعربية، إلى جانب لغات أُخرى، كان يتحدّث بها بقية قاطني المدينة، من اليهود، وغيرهم.(18)
لقد عكف صفوة من الباحثين المتخصصين، على تحقيق عروبة القدس خاصة، وفلسطين عامة، فيما يشبه انتفاضة علمية، أو بحثية، تكفي هذه الصفحات إعادة البحث فيما انتهى إليه هؤلاء. غير أنه من الأهمية بمكان -كما هو مستهدف من كتابة هذه الصفحات- الإحاطة بالإنتاج العلمي لهذه الصفوة المخلصة، ليكون في متناول غيرهم من الباحثين في هذه القضية.(19) وهو، هذا الإنتاج العلمي، أيضاً، كفيل بأنْ يدحض محاولات التنكّر للتاريخ العربي لمدينة القدس، قبل الفتح الداودي. سواءً كان هذا التنكر من جانب اليهود، أم كان من جانب مَنْ سايرهم، أو حذا حذوهم، لغرض في نفسه، أو لسوء إدراكه.(20)
إلى جانب كلّ الأدلة التاريخية السابق الإشارة إليها، يضاف الدليل الميداني، الذي يتمثل في كثافة الوجود العربي بالبلدة القديمة بالقدس، ويحفظ لها هويتها العربية، واضحة المعالم في مظهرها العام، وطبيعة حياتها اليومية، وأنشطتها وآثارها، وبنيتها الديموجرافية، إذ لا يوجد بها أكثر من 2300 يهودي، بين خمسة وثلاثين ألف عربي: مسلم ومسيحي. ذلك برغم كلّ الممارسات "الإسرائيلية" التي تستهدف اغتيال عروبة هذه المدينة، من مصادرة للأراضي، وهدم للمنشآت (سكنية، زراعية، صناعية، إدارية)، وسياسات استيطان، داخل البلدة، وحولها، وأعمال ترانسفير، وتهويد منظمة.(21)
ثم إنّ مظاهر الانقسام الفعلي على أرض الواقع، بين شطري مدينة القدس، الشرقي والغربي، والملامح المميزة للشطر الشرقي (المباني، الشوارع، السلوك العام، الخدمات، المؤسسات، الديموجرافيا، أنشطة عمرانية فلسطينية مضادة لسياسة التهويد "الإسرائيلية")،(22) تؤكد البعد التاريخي لعروبة مدينة القدس؛ إذ أن أصالة عروبة شطرها الشرقي، تعرِّي وتفضح الوجود الصهيوني المستحدث في شطرها الغربي.

الهوامش:
1- ظفر الإسلام خالد، م.س، ص24.
و: د. محمد إبراهيم منصور (تحرير)، "القدس- التاريخ والمستقبل)، أسيوط (مصر)، 1996، دار النشر والتوزيع بجامعة أسيوط، انظر: "موجز تاريخ القدس (كرونولجي)"، ص833-836.
- ابن خلدون، "المقدمة"، الإسكندرية، دار ابن خلدون، د ت، ص 249.
- إبراهيم بن ناصر الناصر، "بنو إسرائيل والمسجد الأقصى- تاريخ ووقفات"، البيان، لندن، مايو، 2002، ص32 و 41.
- بيسان عدوان، "الهيكل الثالث في الحرم القدسي"، (مختارات "إسرائيلية")، القاهرة، سبتمبر/ أيلول، 2001، ص89 و92.
2- د. جوزيف موسى حجار، م.س، ص7.
3- د. محمد عبد الرؤوف سليم، "حديث إلى قناة النيل للأخبار (برنامج: القدس عربية)"، إذاعة، 5/11/2002.
4- حجار، م.س، ص 7.
5- محمد خالد الأزعر، "أية قدس ستكون موضع التفاوض"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، أبريل، 1997، ص 11-12.
6- د. محمود حمدي زقزوق (إشراف)، "موسوعة المفاهيم الإسلامية- النموذج التجريبي"، القاهرة، المجلس الأعلى للشؤون الإعلامية، 1998، انظر: "بيت المقدس"، ص 38-39.
و: محمد صبيح، "القدس ومعاركنا الكبرى"، ط2، القاهرة، دار التعاون، 1998، ص 157-158.
و: يواكيم مبارك، "القدس القضية"، ترجمة: مها فرح الخوري، بيروت، مجلس كنائس الشرق الأوسط، 1996، ص 8.
7- سامي محمد عبد الحميد، "القدس في اليهودية والمسيحية والإسلام"، ط1، القاهرة، مكتبة الآداب، 2001، ص 69.
و: بيسان عدوان، م.س.
8- د. محمد محمد الفحام، "المسلمون واسترداد بيت المقدس"، القاهرة، مجمع البحوث الإسلامية، 1970، ص8-9.
و: د. أحمد صدقي الدجاني، "محاضرة عامة أمام المؤتمر السنوي للبحوث السياسية"، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد، 6-8/12/1997.
و: عبد الحميد، م.س، ص70.
9- د. محمد حسن عبد الخالق، "القدس في عيون يهودية"، الأزهر، القاهرة، مارس، 2002، ص2072-2075.
و: عطية حسن، "القدس تم احتلالها 25 مرة وتدميرها 18 مرة"، القاهرة، (القاهرة)، 5/12/2000.
10- تكوين/12 : 5-6.
11- حجار، م.س، ص 8.
و: عبد التواب مصطفى، "نقض شريعة الهيكل" ط1، القاهرة، مركز الإعلام العربي، سلسلة "كتاب القدس" ع15، 2003 ص 131
و: مبارك، م.س، ص7.
12- د. سيد فرج راشد، "القدس عربية إسلامية"، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2000، ص31 و58.
13- خروج/12:4.
14- راشد، م.س، ص55.
15- عدوان، م.س.
16- حجار، م.س، ص9 و16.
17- عبد التواب مصطفى، م.س، صفحات: 18-19، 24-25، 132-133.
و: ابن خلدون، م.س، ص249.
و: عبد الحميد، م.س، ص90.
و: د. عبد الوهاب محمد المسيري (تأليف وإشراف)، "موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية- رؤية نقدية"، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 1975، ص425.
و: ول ديورانت، "قصة الحضارة"، ترجمة محمد بدران، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2001، مجلد 1، جزء 2، ص356- 357.
و: د. أحمد محمد عوف، "المؤامرات الخفية ضد الإسلام والمسيحية"، ط1، القاهرة، الزهراء للإعلام العربي، 1992،  ص107.
18- للمزيد، انظر:
- الكتاب المقدس، "أعمال الرسل"، الإصحاح الثاني.
- عارف باشا العارف، "تاريخ القدس"، ط3، القاهرة، دار المعارف، 1999، ص12-13.
- يواكيم مبارك، م.س، ص7.
- عبد الحميد زايد، "القدس الخالدة"، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2000، ص39 و44.
- راشد، م.س.
- عمر عسل، "القدس.. أرض كنعان"، القاهرة، دار المأمون للطباعة، 2000".
- طارق عزب، "القدس.. صراع وتاريخ"، القاهرة، مطابع الأهرام، 2001، ص63-66.
- عبد الحميد، م.س، ص 69-70 و144-145.
- صبيح، م.س، ص157-158.
- د. حسن ظاظا، "القدس"، هدية مجلة الفيصل، دار الفيصل الثقافية، ر.ت.
- د. رؤوف شلبي، "عودة القدس"، هدية مجلة الأزهر، القاهرة، أبريل، 1985، ص1-40.
- سامي خشبة، "بحث علمي يثبت أن اليهود غرباء عن فلسطين بالوراثة"، ملحق الأهرام، القاهرة، 30/11/2000.
- د. أحمد صدقي الدجاني، "قراءة في تاريخ القدس"، تقرير القدس، القاهرة، ديسمبر/ كانون الأول، 1998، ص17 و24.
- إبراهيم مطر، "الحقوق العربية في غرب القدس وشرقها"، صامد الاقتصادي، عمان-الأردن، أكتوبر/تشرين الأول، 1997، ص72 و83.
- خليل السواحري، "القدس القديمة.. نظرة تاريخية"، صامد الاقتصادي، عمان-الأردن، أكتوبر/تشرين الأول، 1997، ص30 و40.
- فيصل الخيري، "القدس بين حقائق التاريخ وادّعاءات الميثولوجيا"، صامد الاقتصادي، عمان-الأردن، أكتوبر/ تشرين الأول، 1997، ص41 و54.
- .....، "القدس بين حقائق التاريخ وواقع الجغرافيا"، الأسبوع، القاهرة، حلقات نشرت بالأعداد الصادرة في يوليو/تموز، أغسطس/آب، سبتمبر/أيلول، 2000.
- د. يوسف حسن نوفل، "تاريخ القدس عبر العصور"، ملحق الأهرام، القاهرة، 13/10/2000.
- فؤاد إبراهيم عباس، "مصادر عروبة القدس"، شؤون عربية، القاهرة، ديسمبر/كانون الأول، 1998، ص8 و39.
- د. محمد خالد الأزعر، "القدس من حيثيات عاصمة مطبوعة فلسطينياً مصنوعة إسرائيلياً"، الأهرام، القاهرة، 8/9/2000.
- صلاح عبد الرحيم محمد، "من أسماء القدس في التاريخ"، صوت الأزهر، القاهرة، 16/6/2000.
-......، "القدس ظلت عربية في عهد داود"، صوت الأزهر، القاهرة، 18/8/2000.
- فهمي تاشر، "الحق العربي في القدس"، الأهرام، القاهرة، 31/5/1998.
- سمير الهضيبي، "الحقوق العربية في القدس"، الأهرام، القاهرة، 27/7/2000.
-......، "مدينة العرب المقدسة"، الأهرام، القاهرة، 18/6/2000.
- معصوم مرزوق، "كلام في السياسة- القدس عروس عروبتنا"، الدبلوماسي، القاهرة، أغسطس/ آب، 2000، ص32 - 34.
- Jerusalem am Arab City, Cairo, State Information Service, 1981.
19- راجع:
- أبحاث ندوة "القدس في العقيدة الإسلامية والتاريخ العربي"، التي نظّمها المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، جامعة الأزهر، 29/6/1996.
- ... "الحق العربي في القدس"، المنعقدة بكلية الحقوق، جامعة القاهرة، 20/5/1998.
- ... "آثار القدس عبر العصور"، نظمها المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 5-6/3/2002.
- د. محمد إبراهيم منصور (تحرير)، "القدس.. التاريخ والمستقبل"، أبحاث الندوة الدولية المنعقدة تحت عنوان "القدس.. التاريخ والمستقبل"، بمركز دراسات المستقبل، جامعة أسيوط، فيما بين 29-30/ أكتوبر/ تشرين الأول، 1996، أسيوط، دار النشر والتوزيع بجامعة أسيوط، 1996.
- انظر:
- د. عادل سيد مصطفى، "اليبوسيون في القدس القديمة حتى نهاية عهد سليمان"، ص211 و240.
- د. هابيل فهمي عبد الملك، "أورشليم- القدس منذ أقدم العصور حتى بداية العصر الروماني"، ص 193 و210.
- د. فوزي رضوان العربي، "بيت المقدس.. تحليل تاريخي- مدخل أنثروبولوجي"، ص145 و164.
- محمد نبيل صادق، "القدس بين المزاعم اليهودية والحقوق التاريخية للعرب"، ص67 و106.
- د. عزت جرادات و: كمال أبو سماحة (تحرير)، "وقائع الندوة السنوية لشؤون بيت المقدس (القدس 5000 عام)، عمان، المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس، 1997.
انظر:
- د. حازم نسيبة، "القدس 5000 عام"، ص25-26.
- د. محمد علي حلة، "القدس الشريف.. حقائق التاريخ وآفاق المستقبل"، ص35 و37.
- "القدس وتحديات التهويد"، (وقائع المؤتمر الذي عقدته المؤسسات الأهلية اللبنانية لنصرة القدس-بيروت في 28/7/1997)، بيروت، الهيئة اللبنانية لنصرة القدس، 1998.
انظر:
- د. عصام شبارو، "عروبة القدس"، ص39 و56.
- د. حسن عباس نصر الله، "القدس في التاريخ"، ص95 و104.
- جريس سعد خوري وآخرون (إعداد)، "القدس.. دراسات فلسطينية إسلامية ومسيحية"، ط1، القدس، مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة، 1996.
- انظر:
- إبراهيم شعبان، "الحق العربي في القدس"، ص263-284.
- رائف نجم، "عروبة القدس عبر التاريخ"، ص189-198.
- د. كمال فرح، "منذ فجر التاريخ والقدس هنا"، ص185-188.
- د. لويس حزيون، "أسوار القدس: معالمها التاريخية والأثرية"، ص119-144.
- د. حامد أحمد زيدان، (إشراف وتقديم)، أعمال ندوة "فلسطين عبر عصور التاريخ"، الجيزة، مركز البحوث والدراسات التاريخية بجامعة القاهرة، 1996.
- ... و: د. عطية أحمد القومي (إشراف وتقديم)، "بحوث مؤتمر مصادر تاريخ فلسطين"، المنعقد بمركز البحوث والدراسات التاريخية بجامعة القاهرة فيما بين 21-23/3/1998، جامعة القاهرة، 1998.
- "ملخص بحوث مؤتمر مصادر تاريخ القدس"، القاهرة، المطبعة الإسلامية الحديثة، 1998.
- عزة إمام (تقرير) عن ندوة "الحقوق العربية الثابتة في القدس"، المنعقدة في عمان-الأردن، في 5-8/10/1996، تحت إشراف "لجنة القدس"، صامد الاقتصادي، عمان-الأردن، يناير/ كانون الثاني، 1997، ص243 و258.
- عبد الناصر عيسوي (إعداد)، "القدس بين الحق التاريخي والتوقيع على الأوراق"، أعمال ندوة "سطور"، سطور، لندن، يوليو/تموز، 1997، ص22 و26.
20- هذه بعض صور التنكر اليهودي للتاريخ العربي للمدينة وبعض نماذج من الحذو أو المسايرة في الخطا من جانب آخرين غير يهود:
أ- كانت المغالطة الكبرى من جانب عميد المؤرخين، ول ديوارتت، عندما يسمي أرض كنعان أو فلسطين بـ"بلاد اليهود"، كما جاء في ج2 ص321-322 و365، وج 8 ص51 و54. من "موسوعة قصة الحضارة".
ب- بعد أنْ انتقل النبي داود إلى مدينة أورسالم، واتخذها عاصمة لمملكته سمّاها "أور ديفيد". لكن هذا الاسم الأخير، لم يصمُدْ أمام اسمها الأصلي، وسرعان ما توارى. (عن: أرض الإسلام، برنامج تسجيلي، "قناة فلسطين الفضائية"، 15/9/2002).
ج- لم تتورّع الموسوعة البريطانية عن الوقوع في خطأ مسايرة اليهود في التنكّر للتاريخ العربي لمدينة القدس، قبل الفتح الداودي.
( د. محسن عبد الرؤوف سليم، "حديث إلى قناة النيل للأخبار"، برنامج: "القدس عربية"، إذاعة 5/11/2002).
د- حديثاً، كشف د. عبد الوهاب الكيالي، المحاولات الاستعمارية لضرب عروبة القدس وفلسطين، من خلال الوثائق الصهيونية والبريطانية والأمريكية، في مؤلفه: "تاريخ فلسطين الحديث"، ط 10، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1990.
هـ- بينما يعود اسم (بلستين)، إلى الأيام الأولى لهجرات قبائل جزر البحر المتوسط إلى أرض كنعان، كما سبقت الإشارة، تتنكر الدوائر الإعلام الصهيونية المعاصرة لذلك، وتزعم بأنّ الرومان أطلقوا على (يهودا) اسماً جديداً هو (بلستينيا)، بما يوهم القارئ بأنّ الاسم الأصلي هو "يهودا". وذلك برغم أنّ الرومان نزلوا بتلك الأراضي، بعد عشرات من القرون، كانت فيها معروفة باسم (بلستين)، كما يؤكد التاريخ التقليدي-الكروثولوجي لذلك القطر.
21- د. نظمي الجعبة، "تاريخ الاستيطان اليهودي في البلدة القديمة في القدس"، مجلة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ربيع 2002، ص100 و110.
22- محمد الصواف وعصام محمد سعد (إعداد)، "قضية القدس.. رؤى وآراء"، القاهرة، هيئة الاستعلامات، سلسلة دراسات دولية معاصرة، أبريل/ نيسان، 1999، صفحات: 4-16، 20-41.

No comments:

Post a Comment

شارك برايك