Saturday 26 February 2011

الحق العربي الفلسطيني في القدس


"الحق العربي الفلسطيني في القدس
بين العهد القديم والقرآن الكريم"







إعداد:
د. سعيد محمد أبو صافي
باحث في تاريخ القدس، الجامعة الحرة ـ برلين
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة

عروبة القدس الشريف تتجاوز ذلك الحيز الزمني لدعوة الإسلام في صدر الدولة الإسلامية، إنها تسبقها حقباً ضاربة في القدم، منذ أن ظهر فيها العرب عرقاً من الأعراق البشرية، ولذا فإنه من المسلّمات التاريخية بأن شهادة ميلاد القدس الشريف تؤكد أنها عربية الأصل في النشأة والتكوين، إسلامية الهوية في الحضارة والإنسانية.
ولقد صمدت هذه المدينة المقدسة لنوائب الزمان بجميع أنواعها: "حتى أنه لم يبق فاتح من الفاتحين أو غاز من الغزاة المتقدمين والمتأخرين الذين كانت لهم صلة بهذا الجزء من الشرق إلا ونازلته فإما أن يكون صرعها، أو تكون هي قد صرعته". ولقد حوصرت مراراً ودمرت تكراراً، وأعيد بناؤها ثماني عشرة مرة في التاريخ، بيد أنها على الرغم مما أصابها ظلت قائمة وظل اسمها شامخاً في طليعة المدن.

إن اليهود يزعمون اليوم أن القدس مدينتهم الخالدة، ونحن بدورنا نتساءل: أين هي القدس التي يبحثون عنها؟ ... إنها أورشليم التي هدمها الرومان مرتين، وأزالوها من الوجود تماماً. أورشليم تلك اندثرت بسببهم، ثم جاء المسلمون وفتحوا المدينة، ولم يأخذوها من اليهود، بل من الرومان أعداء اليهود، وحافظوا على كنائسها ومعابدها، وفي أثناء الحكم الإسلامي وحده شرع اليهود يعودون إليها ويقيمون فيها المعابد وفق الشروط التي وضعها الإسلام لأهل الذمة.
ولم تعرف المدينة المقدسة سلماً ولا أمناً، إلا في العهد الإسلامي حيث عاش المسلمون والمسيحيون واليهود في أمن وسلام.

2ـ أسماء القدس
عرفت مدينة القدس بأسماء كثيرة أقدمها اسم: "يبوس" نسبة إلى اليبوسيين الذين يعتبرون أول من بنى القدس، وهم بطن من بطون العرب الأوائل نشؤوا في جنوب شبه الجزيرة العربية ثم رحلوا إلى الشمال مع القبائل الكنعانية واستوطنوا في هذه المنطقة، وكان ملكهم: "ملكي صادق" قد اختط المدينة وبناها، وفي سجلات الفراعنة تسمى: "يابيثي"، وعرفها الكنعانيون باسم: "أورسالم" أي مدينة السلام ـ ومن سخريات القدر أن مدينة السلام لم تر إلا القليل من السلام عبر تاريخها الطويل، وقد اشتقت منها العبرية: "أورشليم" التي تأثرت باللغة العربية الكنعانية والمصرية القديمة والآرامية والإغريقية وكذلك الهيروغليفية التي كانت أول لغة كتبت بها التوراة (1)، حيث اشتقت منها أسماء أخرى كثيرة، و "أور" هي مدينة في بابل وهي مسقط رأس إبراهيم عليه السلام، أما "شليم" فاسم لواحد من عشرات الآلهة الوثنية التي كانت تعبد في المنطقة، ولا علاقة لهذا الاسم بكلمة "شالوم" العبرية التي تعني سلام، وإن كان اليهود نسبوا الاسم للغتهم لإثبات قدم علاقتهم بالمدينة المقدسة. وقد ظهر اسم (أورسالم) لأول مرة في التاريخ عام 2500 ق.م، على تماثيل مصرية صغيرة. ووجد هذا الاسم أيضاً على ألواح أثرية أخرى، اكتشفت مؤخراً في سوريا. أما اسم (يبوس) فقد وجد في رسالة آخر ملوك الكنعانيين (عبد حيبا) إلى فرعون مصر (تحتمس الأول)، عام 1550 ق.م، يطلب فيها الأول من الأخير عونه وحمايته، من بعض أعدائه، وكان خاضعاً له. ومن أسماء هذه المدينة أيضاً: "مدينة داود"، وأسماها اليونان: "بروساليم"، أما الرومان فأسموها: "هيروساليما"، ومن هذا الاسم اشتقت أوربا اسم: "جيروساليم" الذي ورد في الكتابات الفرنسية في القرن الثاني عشر الميلادي، وفي سنة 135م سماها الإمبراطور "إيليوس هادريانوس" : "إيليا كابيتولينا" وهذا الاسم مأخوذ نصفه من اسم الإمبراطور الأول (إيليوس)، ونصفها الثاني (كابيتولينا) مأخوذ من اسم الإله الوثني الروماني (جوبتر كابيتولينوس)، وظلت تعرف باسم "إيليا" حتى أوائل الفتح الإسلامي عام 15 هـ / 635 م، ومن أسمائها كذلك: "الأرض المباركة، والساهرة، والقرية، و بيت المقدس، و الأرض المقدسة، و الزيتون، والمسجد الأقصى، والقدس" (2) .

3ـ السكان الأصليين للقدس وفلسطين:

تعتبر فلسطين جسر يربط آسيا بأفريقيا ويصل الجزيرة العربية بالبحر الأبيض المتوسط، ومدينة القدس ـ قلب فلسطين النابض ـ هي جزء من هذه المنطقة من الوطن العربي، سكنها الكنعانيون وأحفادهم الفلسطينيون منذ أقدم العصور، حيث أقاموا فيها وأنشؤوا حضارة مزدهرة. وقد كانت فلسطين قبل أن يكون هناك ذكر في التاريخ لليهود لعشرات القرون مأهولة بشعوب عربية تنحدر من العمالقة، ومن الشعب الكنعاني، فكان العماليق يسكنون في الجنوب الفلسطيني، ومن مدنهم: غزة والخليل وبئر السبع ورحبوت، وكان الكنعانيون يسكنون الساحل من غزة إلى شمال عكا ونابلس وجنين وطولكرم وبيسان(3) . وقد انتظم الكنعانيون في جماعات صغيرة على رأس كل منها ملك وصل إلى الحكم بعد انتسابه إلى طبقة الأشراف الملاّكين، وكانت كل جماعة تتجمع حول مدينة حصينة لها سور وذات أبراج عالية للدفاع عنها، ويمكن لسكان الريف المجاورين الالتجاء إليها وقت الخطر، وفي وقت السلم تشكل هذه المدن سوقاً تجارية ومركزاً اجتماعياً. وقد ذُكرت هذه المدن في تقرير حملات تحتمس الثالث (في مطلع القرن الخامس عشر ق.م)، وفي رسائل تل العمارنة، وكانت مساحة هذه المدن صغيرة وأسوارها سميكة، تلك الأسوار التي ألقت الرعب فيما بعد في جواسيس موسى عليه السلام حين أرسلهم للتجسس عليها ونقل أخبارها تمهيداً لدخولها وقالوا له: "إن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن عظيمة جداً وقد رأينا بني عناق هناك: العمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيون واليبوسيون والأموريون ساكنون في الجبل، والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الأردن. إن فيها أناساً طوال القامة، والجبابرة بني عناق فكنا في أعيننا كالجراد وهكذا في أعينهم"(4) .

هذا الشعب العربي الكنعاني كان له نتاج حضاري، لم يقتصر على الزراعة وتربية المواشي، بل اندفعوا إلى مجال الصناعة، فمهروا في صناعة النحاس والبرونز وصنع الفولاذ، كما استعملوا الأواني الفضية وبرعوا في الصياغة، ولقد اكتشفت أنواع الحلي النسائية والأسلحة الحربية والزجاج التي تعود إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد في عصر الكنعانيين(5) . وتذكر وثائق نوزي منذ عام 1500 ق.م الصوف الكنعاني والقطن، وصفوة القول أن الصناعات عندهم سدت حاجات المتحضر في ذلك الزمن من عربات الحرب التي يجرها الخيول إلى السيوف والفئوس والسكاكين إلى الإبر والأزرار والدبابيس وبرعوا في صناعة النسيج ولبسوا الحلل الفاخرة. ولقد ألقت الاكتشافات الأثرية شعاعاً على تراث الكنعانيين وما قدموه في عصرهم في الآداب والشرائع، وتبين لنا أن الكثير من هذا التراث الزاهر وخصوصاً في الآداب أخذه اليهود وأدخلوه في كتاباتهم المقدسة، وفي القطع الغنائية(6) . أما أعظم المنح التي قدمها الكنعانيون للعالم والتي تعتبر مفتاح التحضر الإنساني فهي الأبجدية التي لا تزال تعرف باسمها العربي الألف باء(7) .

وإلى جانب الكنعانيين يستقر الفلسطينيون في هذه المنطقة، حيث ورثوا الحضارة الإيجينية في سواحل إيجين وفي جزيرة كريت غرب البحر الأبيض المتوسط، وإن لغتهم سامية وديانتهم كذلك وقد سكنوا مدن: أشدود وغزة وعسقلان وجت (8) ، وقد كان الفلسطينيون جزءاً من الكنعانيين هاجروا إلى كريت، ثم عادوا إلى فلسطين ثانية لتدافع عن وطنها الأم ضد هجوم الفراعنة، فاستقرت في بلاد أجدادها الكنعانية، ولم تكن عودتها عودة الغازين كما يصوره اليهود وبعض مؤرخي الغرب، إذ لو كان الفلسطينيون غزاة غرباء عن الأرض لجلوا عنها تحت ضغط انتصارات الفراعنة، بل صمدوا مع إخوانهم الكنعانيين، وكانت مدنهم حصينة وذات هيبة خاصة بهم(9) . وهذه المدن الحصينة بقيت بعيدة عن اليهود لم يستطيعوا دخولها أثناء مجيئهم إلى أرض كنعان، ويظهر لنا أن شدة الفلسطينيين واستماتتهم في الدفاع عن أرضهم ضد الغزوات الأجنبية أكسب المنطقة كلها اسم فلسطين.

لقد ورد اسم اليبوسيين العرب أهلاً للقدس في مواضع عديدة من العهد القديم(10) ، وهم ينسبون إلى "اليبوسي بن كنعان" وقد رد المؤرخون اليبوسيين إلى أصول عربية كنعانية، وأرض كنعان في اللغة العربية هي الأرض المنخفضة(11) ، وأنهم بطن من بطون العرب الأوائل نشؤوا في جنوب شبه الجزيرة العربية ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية(12) .

ويشير المؤرخان الطبري وابن خلدون إلى أن أهل الشام وأهل مصر من العماليق العرب الذين يقال لهم الكنعانيون(13) . وقد كشفت حفريات مدرسة الآثار البريطانية منذ عام 1961 أن مدينة القدس القديمة إنما شهدت منذ الألف الرابعة ق.م استقراراً بشرياً وعمرانياً، ودلالة ذلك أن: "سالم اليبوسي" الكنعاني العربي (حوالي سنة 3500 ق.م) أسس مدينة القدس لتكون عاصمة لدولة يبوس، ولتقوم كذلك بالربط ما بين القسم الجنوبي والشمالي للدولة لضمان سيطرة اليبوسيين على دولتهم الجبلية، وأطلق عليها "أور سالم" أي مدينة سالم باللغة الكنعانية القديمة، وقد وجد عالم الآثار "برنارد" من جامعة "ويلز" آثار لقبائل هاجرت إلى نواحي القدس قبل حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، وهذا ينفي مزاعم اليهود بأن القدس تأسست حوالي سنة 1000 ق.م على يد داود عليه السلام ـ كما سنوضح ذلك بعد قليل ـ، وأن المدينة شهدت منذ العصر البرونزي الأول (أي بداية الألف الثالثة ق.م) مرحلة العمران المبكر(14) ، وكذلك في العصر البرونزي الوسيط (حوالي 2500 ق.م)، وكما يتضح أيضاً من رسائل تل العمارنة ـ التي اكتُشفت في مصر والتي تعود إلى عام 1450 ق.م ـ أن الموجة السامية الثانية الوافدة من الجزيرة العربية إلى فلسطين وسوريا منذ العصر البرونزي الوسيط إنما هم من العرب الذين وُصفوا بأنهم أهل وفي، كما اشتغلوا بالتجارة وجاسوا الديار والممالك، حتى امتد سلطانهم إلى مدينة حماة، وقد استقر أغلبهم في فلسطين، وظلت لهم السيادة حوالي 1500 عاماً متواصلة، ويؤيد هذا الاستقرار العربي في فلسطين ما تبين من الحفريات الأثرية عن بقايا أسوار القدس القديمة التي أقامها اليبوسيون(15) . وكما وردت أيضاً أخبار عن القدس في النصوص المصرية القديمة ما يؤكد استقرار اليبوسيين في القدس في الفترة السابقة، ويؤيد ذلك ما ورد في العهد القديم (16)  أن ملك القدس اليبوسي: "ملكي صادق" كان ملكاً على أورشليم وكاهناً لله العلي زمن إبراهيم الخليل عليه السلام. وقد اتخذ اليبوسيون من القدس ـ التي سميت يبوس نسبة إليه ـ عاصمة لإدارة مملكة يبوسية ذات كيان سياسي وديني، وظلت كذلك حتى دخلها بنو إسرائيل. وهكذا فإننا بصدد عاصمة مملكة لا مدينة قائمة بذاتها وقد تزعمت القدس إدارة هذه المملكة وفق النظام السياسي الذي اصطلح على تسميته: اتحاد المدن، أو المدينة الدولة، وقد فرض اليبوسيون سيادتهم على بقاع عديدة كانت "يبوس" قبلتها الدينية والإدارية، ووفقاً لـ"سفر نحميا" أن "يبوس" هي "أورشليم مدينة القدس" (17) ، وهذا يعني أن اليبوسيين قد كانوا أهلاً للقدس بدلالتها الدينية المعروفة لنا قبل نزوح بني إسرائيل عن مصر بستة قرون على الأقل، وأُطلق عليها هذا الاسم قبل عهد نحميا بأربعة عشر قرناً. فالقدس هي القدس عبر كل العصور. وبما أن يبوس ـ كما أسلفنا ـ هي فرع من قبيلة عربية هي قبيلة كنعان، والكنعانيون عرب نزحوا من الجزيرة العربية، فإن شهادة ميلاد القدس تؤكد على أنها مدينة عربية أصيلة.

وتبرز أيضاً طائفة من الأسماء القديمة في خريطة فلسطين وسوريا، مثل مدينة يبوسي /القدس، وجبل يبوسي/ سوريا، وخربة البيس في جبال القدس، ووادي يبيش شرقي الأردن، وقرية ساليم شرقي نابلس(18) . وتقع كلها في إطار امتداد جغرافي وديني وسياسي، وقد خربت هذه المدن وتركت ذكرى عالقة لمملكة عربية موحدة.
وإذا عدنا مرة أخرى إلى الملك: "ملكي صادق" فهو أول حاكم للمدينة، وكان معاصراً لسيدنا إبراهيم عليه السلام حوالي 1900 ق.م (19) ، ولما كان سور اليبوسيين هو أقدم أثر ينسب إليهم في المدينة ويؤرخ له بحوالي 1850-1800 ق.م فإنه يتعين علينا التأريخ به لظهور الاسم: "يبوس" اسماً للمدينة، ربما بعد وفاة "ملكي صادق" الذي كان من قبل إبراهيم على سنة الله القديمة والأنبياء السابقين بين شعب وثني(20) ، بل إن مكانته صارت رتبة للأتقياء والصالحين التي قد ترقى إلى منزلة الرسل والصديقين في العصور اللاحقة(21) . وقد ورد في العهد القديم الكثير من الأسماء العربية وقف منها قاموس الكتاب المقدس صامتاً على الرغم مما درج عليه من رد المفردات إلى أصولها اللغوية وخاصة العبرية، ومن هذه الأسماء العربية على سبيل المثال: [قيس] و [بنو هاشم] و [خالد] و [ابن ذي البأس] و [زبيدة](22) ، وقد شغل هؤلاء مراكز يُشار إليها بالبنان، وكان بعضهم آباء لملوك وقادة لفرق الجيوش العربية. ولأن العهد القديم كُتب من وجهة نظر يهودية بحتة، تتصل بأخبار بني إسرائيل وتاريخهم، فمن البديهي ألا نجد إلا أخباراً قليلة بل حتى نادرة فيما يتصل بالعرب أحفاد إسماعيل عليه السلام إلا في مواضع هامشية رغم حتميتها، لأن العرب كانوا طرفاً فيها، وكأنما تريد التوراة أن تقول أن ميراث عقيدة التوحيد إنما أُلقي على إسحاق، ومن بعده يعقوب دون غيرهم، ولكن أين ذهب إسماعيل وهو الابن الأكبر لإبراهيم؟ ـ على الرغم من الشرف الذي ناله مع أبيه في المشاركة ببناء الكعبة ـ. أما عندما تجري الأحداث على أرض فلسطين ويكون العرب طرفاً فيها يصفهم العهد القديم بأنهم قوم بدو رحل لا مقر لهم ولا وطن، وإن تفضّل على العرب بلقب ملك أو ملوك فهم هناك في البريّة لا في المدينة (23). وكما تحدث سفر نحميا النبي عن "جشم" الذي كان ملكاً على العرب القداريين الذي ينتهي نسبهم إلى قيدار بن إسماعيل عليه السلام(24) ، وكما تبين من الحفريات الأثرية حيث ذُكر اسم الملك "قينو بن جشم ملك قيدا" (25)، وهذا يعني أن العرب الإسماعيليين الذين أشار إليهم العهد القديم قد جاسوا في أراضي فلسطين من شمالها إلى جنوبها، وأن ظهور اسم القيداريين كأمة ذات مجد عظيم يتزامن مع تواري ذكر اليبوسيين(26) . وفي قراءة أخرى لسفر نشيد الأنشاد المنسوب إلى سليمان عليه السلام، يلقي مزيداً من الضوء على التواجد العربي في القدس القديمة: "... قد افتقدت هنا من أحبهم من العرب، لم لا وهم أهلها ... وكان من بني قيدار من هم حضر يسكنون الشقق والديار" (27)، وما ذُكر في العهد القديم في الإصحاح التاسع عشر من سفر "قضاة" عندما يعرض لقصة الرجل اللاوي الإسرائيلي عند مروره بمدينة القدس "يبوس" يؤكد ما ذهبنا إليه: "قال الغلام لسيده تعال نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها، فقال له سيده: لا نميل إلي مدينة غريبة حيث ليس أحد من بني إسرائيل هنا"(28) ، ويستخلص مما تقدم أن العرب من بني إسماعيل والقداريين منهم خاصة قد سكنوا القدس القديمة، وقد انضووا مع بني جلدتهم العرب اليبوسيين، ولم يستطع بنو إسرائيل أن يخرجوهم من أرضهم طيلة تاريخهم الطويل فاكتفى سليمان عليه السلام فيما بعد بفرض السخرة عليهم كما ورد في العهد القديم(29) .أما داود عليه السلام فلم يستطع فرض سيطرته على القدس كلها إذ شغل منها حصن صهيون فقط في الجزء الجنوبي من التل الشرقي(30) . ونقل داود تابوت الرب إلى مدينته، الذي كان غالباً ما يصحبه في حروبه، وهكذا فإن مدينة داود لم تكن عاصمة سياسية ولا دينية لملكه، وإنما كانت تمثل في الحقيقة نقطة حصينة ومركزاً عسكرياً أحاطه بسور، ولم يكن الاتصال بين مدينة داود ومدينة القدس "يبوس" سوى إطار شكلي يمثل اتصال سور قلعة داود بالسور الذي أقامه اليبوسيون حول المدينة قبل عهد داود بوقت طويل، ويؤكد ذلك ما قاله نحميا النبي عندما يشير إلى إعادة بناء السور: "فبنينا السور واتصل كل السور"(31)  ولعل ما فعله داود عندما طلب من أرونة اليبوسي بيدره ليبني فيه مذبحاً للرب ليشير بوضوح إلى اعترافه بملكية اليبوسيين لمدينة القدس(32) .

وقد ظلت المملكة اليبوسية متماسكة حتى نهاية القرن الثامن عشر ق.م وبداية القرن السابع عشر ق.م حيث تزعزعت مملكتهم إبان ضربات الهكسوس وغزوهم لفلسطين، إلا أنهم ظلوا صامدين في بلدهم ولم يخرجوا منها وظلت القدس تحت حكم اليبوسيين أهلها حتى دخول بني إسرائيل ـ كما أسلفنا ـ أرض فلسطين بعد نزوحهم عن مصر، وقد ظل اليبوسيون في رباط دفاعاً عن المدينة في وجه بني إسرائيل وخاصة سبط بنيامين وبني يهوذا إلى أن تولى الملك داود خلفاً لشاؤل، وقد ظلت حقوق اليبوسيين محفوظة حتى نهاية عهده، وقد حدث تراجع لليبوسيين في المدينة إزاء مشروعات سليمان عليه السلام العمرانية(33) .


4ـ اليهود والقدس

يرى معظم المؤرخين أن بداية تاريخ اليهود يؤرخ بخروج بني إسرائيل من مصر بقيادة موسى عليه السلام فيما بين الأعوام 1240 – 1230 ق.م(34) .
أما قصة الهيكل في تاريخ بني إسرائيل فبدأت منذ عهد موسى عليه السلام حينما خرج ببني إسرائيل من مصر واستقر بهم في سيناء يريد الأرض المقدسة، وتجدر الإشارة أن موسى عليه السلام رسول بني إسرائيل، لم يأت القدس ولم يدخلها غازياً أو فاتحاً، ومن ثم فليس هناك أية رابطة أو علاقة روحية أو دينية تربط اليهود بالقدس، وعلى جبل الطور كلم الله تعالى موسى عليه السلام، وكانت المعجزات المتتابعة التي تحدّث عنها القرآن الكريم: "وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون. وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون"(35) ، وفي موضعٍ آخر من القرآن الكريم: "وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأّتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهةٌ، قال إنكم قوم تجهلون"(36)  وتذكر العهد القديم ذلك أيضاً في سفر الخروج، ولكنها هنا تخالف ما جاء في القرآن الكريم، إذ تجعل من هارون صانعاً للتماثيل كي يعبدها بنو إسرائيل، بينما ينزه القرآن الكريم هارون عليه السلام عن ذلك، ويذكر شخصاً آخر هو الذي فتن بني إسرائيل يعرف بالسامريّ كما قال تعالى: "قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري"(37) . وغضب الله على بني إسرائيل، ونزل موسى من الجبل وفي يده لوحا الشهادة، فوجد قومه يعبدون العجل، ويؤيد القرآن الكريم هذه الرواية: "ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون"(38)، ثم صعد موسى الجبل وكتب عهد الرب: "فكتب على اللوحين كلمات العهد الكلمات العشر"(39)  ويؤيد القرآن الكريم هذه الرواية أيضاً: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء" (40) ، ويذكر ابن خلدون أن هذه الكلمات العشر عبارة عن وصايا تمثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(41).

ومع موسى في أرض سيناء تتحدد النواة الأولى لتابوت العهد، الذي سيحوي ألواح موسى ليحملها بنو إسرائيل أينما ذهبوا ويقدسونها، ويحافظون عليها بداخل هيكل في سيناء على شكل خيمة، فقد أعطى الله لموسى لوحي العهد، وطلب منه صناعة تابوت توضع فيه هذه الشهادة، وقد وصفت التوراة ذلك بكثير من التفصيل(42) ، هذه الخيمة وما احتوت هي هيكلهم الأول، الذي يؤدون فيه عبادتهم(43) ، وذلك على الرغم من ارتدادهم عن دينهم ونبيهم موسى بينهم حي يرزق، حيث لم تنتزع عبادة الأوثان من قلوبهم وأنهم اختلفوا مع موسى، واختلفوا على كلام الله الذي جاءهم في الألواح أثناء وجوده، وبعد مماته، ولقد حدثت محاولات كثيرة منهم في سيناء لقتل موسى عليه السلام وإيذاءه لقوله تعالى في سورة الصف، آية 5: "وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم، فلما زاغوا، أزاغ الله قلوبهم، والله لا يهدي القوم الفاسقين"(44).

حينما حاول موسى الدخول ببني إسرائيل إلى الأرض المقدسة عصوا أمره ورفضوا خائفين مذعورين، وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك من كلام موسى موجهاً إلى اليهود: "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم، ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين. قالوا: يا موسى إن فيها قوماً جبارين، وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون" إلى قوله تعالى في نفس الآيات: "قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون. قال: رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين. قال: فإنها محرمة عليهم، أربعين سنة يتيهون في الأرض، فلا تأس على القوم الفاسقين"(45) .
عندما عبر بني إسرائيل سيناء بعد موت موسى وصلوا إلى كنعان ومعهم الخيمة هيكلهم الأول ـ وقد قاومهم الكنعانيون مقاومة شديدة ـ وبقيت هذه الخيمة إلى عهد داود، فلما أتم سليمان عليه السلام بناء الهيكل نقل الخيمة مع كل أثاثها إليه(46).

ارتحل اليهود إلى فلسطين حيث خرج بهم من التيه يشوع بن نون الذي خلف موسى عليه السلام ووقع الصدام بينهم وبين الفلسطينيين الكنعانيين أصحاب هذه الأرض يساندهم الصيدونيين (أهل صيدا) وسكان جبل لبنان إلى مدخل حماة، حيث ورد أثناء ذلك في رسائل تل العمارنة التي تعود إلى سنة 1450 ق.م اسم "أدوني صادق" ملك أورشليم اليبوسي الذي اتحد مع ملوك حبرون ولخيش وعجلون إلى ساحل البحر إلى لبنان، وأجمع هؤلاء معاً محاربة بني إسرائيل، ومنذ ذلك الحين بدأ يشوع وقومه يتلقون ضربات أهل البلاد، ولم يعد من السهولة لهم وضع أقدامهم فيها عن طريق الحرب، وعندما حدث زلزال عام 1927 في أريحا وما حولها، أدى إلى تدمير الكثير من المباني مما أدى إلى ظهور أنقاض مدينة أريحا القديمة، وبعد فحص هذه الأنقاض وخاصة الأدوات الفخارية من قبل علماء الآثار وعلى رأسهم: الأستاذ جارستارج مدير مصلحة الآثار الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني تبين أنها تعود للفترة التي هاجم فيها يشوع بن نون أرض كنعان بعد خروجهم من سيناء، واستطاع علماء الآثار تحديد تاريخ هذه الغزوة بعام 1400 ق.م، وقد وجدت البعثة بهذه المنطقة آثاراً لقلعة يبوسية. وقد بقيت مناطق فلسطينية كثيرة لم يستطع يشوع بن نون مهاجمتها لحصانتها تشمل كل أراضي الفلسطينيين على طول الساحل، وجزء من أرض الكنعانيين، وأرض الجبال إلى لبنان، أما المناطق التي احتلوها فتبدأ من أريحا إلى الشمال، أما جنوب أريحا، وهو المساحة العظمى من أرض فلسطين غرب الأردن والبحر الميت إلى العقبة فلم تكن لإسرائيل أدنى علاقة بها في عهد يشوع  بن نون، ولا بعده، حتى عام 1948 م! وإذا قلنا أن الأرض الفلسطينية التي نزل فيها اليهود لا تتجاوز 10% - 15% من مساحتها الكلية واتخاذ هذه المساحة المحدودة لإقامة اليهود قهراً، وبقوة السلاح لم يستمر، إلا وقتاً يسيراً لم يتجاوز ثمانين عاماً كما سنذكر بعد قليل.

استطاع الفلسطينيون بعد موت يشوع تحقيق النصر على اليهود، الذين هربوا إلى تابوت الله لينقذهم، ولكن الفلسطينيون استولوا عليه وبقي معهم سبعة أشهر، ثم أعادوه إليهم ثانية(47) .
وعندما أذلت الملوك المجاورة لبني إسرائيل قبائلهم، هربوا إلى نبيهم صموئيل أو شموئيل بن بالي واستغاثوا به وطلبوا منه تعيين ملكاً عليهم يوحد صفوفهم لمواجهة خطر الفلسطينيين، فاختار لهم طالوت، أو "شاؤل" من بني نيامين، فرفضه بني إسرائيل واستنكروا اختياره مع أنهم طلبوا منه ذلك بأنفسهم(48) ، وورد ذلك في القرآن الكريم: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً، قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعةً من المال، قال إن الله قد اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم"(49) ، وفي آية أخرى وضح القرآن الكريم آية ملكه: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وهارون تحمله الملائكة، إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين" (50). ومع أن اليهود نجحوا في إقامة ملك في جزء من أرض فلسطين لفترة محدودة تقارب الثمانين عاماً بقيادة داود وسليمان، إلا أن القبائل اليهودية لم تستطع تكوين كيان سياسي موحد له حدود محددة ونظام إداري مركزي، فعندما تولى داود الملك على بني إسرائيل

 (1012-972) استطاع قتل جالوت في قصة تذكرها التوراة والمصادر العربية، وحكم لمدة أربعين عاماً: في حبرون سبع سنين، وفي جزء من القدس/ يبوس ثلاثاً وثلاثين سنة(51)، أراد داود عليه السلام أن يجعل لملكه عاصمة يستقر فيها، فتوجه إلى أورشليم أي "يبوس"، لكن أهلها قاوموه وصدوه عنها فأقام عاصمة ملكه في حصن صهيون في نهاية القرن الحادي عشر ق.م "حوالي سنة 1049 ق.م"، وجاء في العهد القديم: "وذهب داود وكل إسرائيل إلى يبوس، وهناك اليبوسيون سكان الأرض، وقال سكان يبوس لداود لا تدخل إلى هنا، فأخذ داود حصن صهيون، وهي مدينة داود"(52).

أراد داود عليه السلام بناء مكان مقدس للعبادة، وبدأ بالتحضير لذلك، ولكنه بُني في عهد ولده سليمان عليه السلام الذي اعتلى ملك بني إسرائيل بعد أبيه، حيث تم البناء خلال سبع سنوات وذلك في عام 1007 ق.م (53)، وقد قص الله تعالى نبأ سليمان، وأخبر أنه سخر له الجن والإنس وكل شيء بقوله تعالى: "وحًشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون"(54) ، وفي آية أخرى: "فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص"(55) ، وقد جاء البناء على شكل خيمة الاجتماع، معبدهم الأول في عهد موسى، بضعف المساحة والمقاييس والزينة(56).
وقد ذكرت المصادر العربية هذا البناء لبيت المقدس، والمعبد الذي فيه بين الإيجاز والتفصيل والتحليل، فقد أشار إليه الطبري بقوله: "وفي سنة أربع من ملكه ـ أي سليمان ـ ابتدأ ببناء بيت المقدس"(57)، بينما جاء ابن خلدون بوصف مفصل لبيت المقدس(58) ، أما السيوطي فيوضح مشاركة الإنس والجن في البناء (59)، ولكن ابن كثير جاء بتحليل لأصل هذا البناء الذي يذكره بالمسجد، وأن الذي بدأ بالبناء هو يعقوب (60)، بل ويذهب السيوطي إلى أبعد من ذلك بقوله: "إن الأساس القديم الذي كان لبيت المقدس وضعته الملائكة بعد وضع أساس المسجد الحرام"، وفي قول آخر أن آدم عليه السلام هو أول من بنى مسجد بيت المقدس، وقيل أيضاً أن الذي أسسه سام بن نوح، كما قيل أن إبراهيم عليه السلام هو الذي وضع أساسه بعد الفراغ من بناء الكعبة التي أمره الله تعالى ببنائها بأربعين سنة كما جاء في الحديث الشريف: "عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله عن أول مسجد وضع على الأرض، فقال: المسجد الحرام، قلت: ثم أيّ؟، قال: المسجد الأقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عاماً ثم الأرض لك مسجداً فحيثما أدركتك الصلاة فصلّ فيه"(61) ، وقيل: أنّ أول من بناه يعقوب، أو أنه طور البناء الذي كان قائماً فقط وليس كما يفهم من نص الحديث السابق أنّ المدة الزمنية بين البناءين هي أربعين عاماً، بل المقصود هو أنّ البناء للأقصى جاء بعد أربعين عاماً من تجديد الكعبة(62) ، ويجمع المؤرخون أن البقعة الطاهرة التي بني عليها المسجد الأقصى كانت معروفة لليبوسيين الكنعانيين، ثم بناه داود عليه السلام وسليمان على ذلك الأساس القديم، وما قاله ابن كثير والسيوطي ينهي أحقية داود وسليمان في تأسيس هذا البيت، إذ اقتصر عملهما على إعادة تجديده عندما أصبح لهما مملكة، وهذا ما يتخذه اليهود اليوم ذريعة محمومة للبحث والحفر عن هيكل اندثر، فيطمسون كل ما هو قائم من أجل ما قد فني واندثر.

عندما تقدمت السن بسليمان عليه السلام، وضعفت قبضته على بني إسرائيل حاول شعبه التمرد عليه كعادتهم وتطلعوا إلى ملك جديد هو ابنه يربعام، الذي فر إلى مصر خوفاً من والده وبقي فيها حتى وفاة والده سنة 935 ق.م، وقد نصب اليهود عليهم بعد سليمان ابنه رحبعام، إلا أنهم سرعان ما انقلبوا عليه وانحاز أغلبهم لأخيه يربعام، ولم يبق مع رحبعام سوى سبط يهوذا وبنيامين، وبذلك سرعان ما تفسخت هذه المملكة وانقسمت على نفسها إلى مملكتين متنازعتين ـ وكانت منقسمة أصلاً قبل توحيدها على يد داود وسليمان ـ إحداهما في الشمال، وتسمى إسرائيل وعاصمتها السامرة بقيادة يربعام، وقد انتهت هذه المملكة سريعاً في عام 721 ق.م على يد سرجون الثاني ملك بابل، والثانية في الجنوب وتسمى يهوذا وعاصمتها القدس بقيادة رحبعام التي انتهت عام 586 ق.م(63) ، ووقع بين المملكتين حروب وسادهما الاضطراب، وفي السنة الخامسة للملك رحبعام هاجم "شيشنق" ـ الذي كان من الضباط الأجانب في جيش فراعنة مصرـ بعد أن بسط نفوذه على مصر اليهود في القدس مستغلاً انقسام مملكة سليمان وضعفها، واحتل "يبوس" أو القدس حوالي سنة 926 ق.م، فكان أول تدمير للهيكل ولكيان اليهود في القدس (64). أما العرب والفلسطينيون فقد حاولوا استرداد القدس بالهجوم عليها عام "845 ق.م"، وقد جرت محاولات أخرى للاستيلاء على القدس أهمها محاولة "سنحاريب" (704-681 ق.م) ملك آشور حينما هاجم فلسطين في السنة الرابعة عشرة لملك يهوذا"حزقيا بن آحاز" واستطاع القائد الآشوري من محاصرة أورشليم سنة 713 ق.م ودكّ أسوارها كما استولى على جميع مدن مملكة يهوذا، وهزم الجيش المصري الذي كان يساندها، ولم يستقر الآشوريون طويلاً وعادوا بعد هذه الحملة نظراً لانتشار الطاعون في ذلك الوقت(65).

وفي عهد نبوخذ نصر (604-562 ق.م)، ثار ملك يهوذا "يهوياقيم" (609-598 ق.م) على سيده البابلي مما دفع نبوخذ نصر إلى التوجه إلى فلسطين والقضاء على الثورة، وأخذ الملك عبداً عنده ثلاث سنوات ثم أعاده، فعاد ثانية إلى التمرد على سيده، ثم عاد لقمع الثورة مرة أخرى، وبعد موت يهوياقيم جاء من بعده ولده "يهوياكين" الذي تذكره المصادر العربية باسم:"يوياحين بن يوياقيم"، وقد وقع بمملكته تحت حصار نبوخذ نصر الذي أخذه وأهل أورشليم أسرى إلى بابل، وهو ما عرف "بالسبي البابلي الأول" سنة 597 ق.م(66) ، أما السبي البابلي الثاني على يد نبوخذ نصر أيضاً ـ وهو المشهور ـ فكان في عام (587 ق.م) في عهد صدقيا حاكم القدس بسبب تمرده مما جعله يحاصر القدس ثمانية عشر شهراً، ثم دخلها وتم تدمير الهيكل وكل بيوت أورشليم، وهدم جميع أسوارها وسبى جميع من فيها(67).

وتشير المصادر العربية إلى هذا السبي البابلي لليهود، وخراب الهيكل على يد نبوخذ نصر الذي يذكره المؤرخ الطبري باسم :"بخترشة"(68)  . وتتفق المصادر العربية في أن سبب قدوم نبوخذ نصر إلى أورشليم هو قتل اليهود لنبيهم يحيى بن زكريا، فحلّ غضب الله على بني إسرائيل فأرسل عليهم نبوخذ نصر، فحكم فيهم حكم الجاهلية وبطش الجبارين، وهدم بيت المقدس، وسبى بني إسرائيل إلى بابل (69)، وبذلك ضاع معبد سليمان وهيكل بني إسرائيل ومعه البقية المفترضة من التابوت منذ عهد موسى عليه السلام(70) . فمن هذا التاريخ الثابت، أي منذ ستة قرون قبل الميلاد، انتهى التاريخ السياسي لبني إسرائيل في القدس وفلسطين، وظلوا بعد ذلك خاضعين لدولة الفرس، ثم اليونان، ومن بعدهم الرومان.
وفي سنة 538 ق.م سمح الملك الفارسي قورش ـ بعد أن احتل بابل ـ لليهود بالعودة إلى القدس، كما سمح لهم بإعادة بناء الهيكل الذي كان خرباً(71) . دخلت القدس العهد اليوناني عندما احتلها المقدونيون بقيادة الإسكندر سنة 332 ق.م، وقد استقبلتهم المدينة بالرضا والارتياح، وقد ضاع بذلك الكيان السياسي لليهود الذين أصبحوا طوع حكام اليونان حتى أنهم بنوا مذابح للآلهة اليونانية، ونبذوا كل أحكام الشريعة اليهودية(72) .
ثم خضعت القدس للرومان، وعلى عهد يوليوس قيصر "سنة 49 ق.م" تنفس اليهود الصعداء، حيث عينوا هيرودس "سنة 37 ق.م" حاكماً عليهم الذي ثبّت أقدام الرومان في البلاد، وحاول هيرودس أن يضفي على نفسه مجد سليمان بدأ في "سنة 20 ق.م" بترميم الهيكل، واستغرق ذلك ثماني سنوات كما يرى ابن خلدون(73)، بيد أن اليهود لم يلبثوا أن حوّلوا هذا الهيكل الجديد إلى بناء قذر، إذ جعلوه سوقاً للبيع والشراء، ومكاناً للتجارة والمساومة بدلاً من الصلاة والعبادة، فلما رأى عيسى المسيح عليه السلام ذلك تألم وقال لليهود: "مكتوب بيتي بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص"(74) ، وقال الناسك يوحنا لليهود وهو يبشر بالمسيح حينما كانوا يتجمعون حوله على شاطئ النهر: "يا أولاد الأفاعي، متى أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي. فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة، ولا تفكروا أن تقولوا لأنفسكم: لنا إبراهيم أباً، لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم"، وقد قال المسيح لتلاميذه نبوءة تحققت بعد ذلك: "فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه. الحق أقول لكم أنه لا يترك هنا حجر على حجر لا ينقض"(75) ، ومن الواضح في ذلك أن طبائع اليهود لم تتغير بمضي الزمن إلى أيام السيد المسيح عليه السلام، الذي خاطبهم موجهاً كلامه إلى أورشليم بقوله: "يا أورشليم، يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمعُ الدجاجةُ فراخها تحت جناحيها ولم تريدي، هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا "(76).

في عصر نيرون الروماني "سنة 66 م"، تمرد اليهود في القدس، فتوجه قائد الجيش الروماني "تيطس" في ديسمبر "سنة 69 م" لمهاجمة القدس الذي دمرها وأسر أهلها "عام 70 م"(77) . وقد أدى سقوط المدينة وتدمير الهيكل إلى هجرة كثير من اليهود إلى بلاد العرب الشمالية والحجاز، استقرت في يثرب وخيبر ووادي القرى وتيماء
(78) . وقد ذكرت المصادر العربية ما حصل في القدس على يد تيطس من خراب، فالطبري يوضّح ما فعله تيطس بالمدينة من نسف وسبي، ويُذكّر في هذا السياق بنبوءة عيسى المسيح عليه السلام حينما قال لتلاميذه: "... حتى لا يترك هنا حجر على حجر"(79) ، أما ابن خلدون فيُحمّل اليهود مسؤولية ما حصل من تدمير للقدس على يد الرومان، حيث كثرت فتنهم وفسادهم ومؤامراتهم فيها، مما حذا بالرومان بقيادة تيطس للزحف عليها وحصارها وتدميرها(80).

أما تدمير الهيكل بشكل نهائي كما تجمع المصادر القديمة والحديثة فجاءت على يد الإمبراطور الروماني "إيليوس هادريانوس" سنة 135 م، حيث هدم كل مدينة القدس وبنى مكانها مدينة رومانية خالصة أسماها: "إيليا كابيتولينا"، كما أقام مكان الهيكل معبداً للإله الوثني الروماني "جويبتر"، وزينها بالأبنية الوثنية والملاهي والحمّامات، إلى أن انتشرت المسيحية وأصبحت الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، وبُنيت كنيسة القيامة فيما بعد على يد الملكة هيلانة، ومُنع اليهود من دخول المدينة(81). وانقطعت صلة اليهود بفلسطين مدة "1800 عام" أي ثمانية عشر قرناً متواصلة. وبقيت القدس تتمتع بالأمن والسلام منذ عام "135 م" إلى "سنة 614 م" حينما احتلت جيوش الفرس بلاد الشام من الرومان، ودخلت القدس ومعها عدد من اليهود، وأُحرقت خلال ذلك كنيسة القيامة بعد نهب تحفها وكنوزها، كما هُدمت الأديرة والكنائس في مختلف أنحاء فلسطين بتحريض من اليهود(82) . إلا أن حكم الفرس في القدس لم يدم طويلاً فقد انتصر عليهم الإمبراطور هرقل عام 627 م ودخل القدس في العام التالي، واحتفل برفع الصليب الذي نقله الفرس إلى بلادهم. وبقيت القدس تحت حكم الرومان إلى أن فتحها المسلمون في القرن الأول الهجري/السابع الميلادي.

وهنا نسمح لأنفسنا أن نقف وقفة المتأمل ونسأل لماذا انهارت هذه الدولة إن صح تسميتها دولة بهذه السرعة القصيرة في عمر الأمم؟ والإجابة: أن الإسرائيليين كانوا غرباء عن هذه المنطقة، وأنهم كانوا بدو رحل ورعاة حلّوا وسط شعوب لها حضاراتها ونظمها، وأنهم جاءوا لا ليسكنوا مع أهل البلاد بأمن وسلام، ولكنهم جاءوا غزاة ليستأصلوا السكان ويحطموا حضارتهم، وأنهم أسسوا دولتهم على حساب أهل البلاد الأصليين، وأخذوا يهددون الممالك المجاورة التي أطبقت عليهم من أجل حفظ السلام في المنطقة. وهكذا نرى أن اليهود قد طُردوا من القدس، وسمح لهم العرب المسلمون فيما بعد بزيارتها والإقامة فيها حتى بعد أن طردتهم قوات الصليبيين منها.

5ـ الخاتمة

من خلال هذا العرض الموجز نجد أن اليهود قد نجحوا في الاستيلاء على أرض يبوس من أهلها، وأقاموا لهم حكماً في فترة ليست طويلة من عمر التاريخ، إلا أنه لسوء إدارتهم السياسية، وعدم قدرتهم على الخروج من القبلية، انقسموا وتفرقوا وتقاتلوا وهان عليهم كل شيء حتى معبدهم، الذي كانوا يجردونه مما فيه ليقدموا ذهبه وفضته هدايا أو ليسرقونها، فكان المصير المحتوم في توجيه الضربات إليهم على يد شيشنق ملك مصر، وعلى يد نبوخذ نصر ملك بابل، الذي دمر أورشليم، وبعد تدمير الرومان لها سنة 70 م لم يعد هناك أثر لمعبد سليمان، إذ تحققت نبوءة عيسى ـ عليه السلام ـ إذ: "لم يبقى فيها حجر على حجر".
ومما تقدم يتضح أن حقائق التاريخ تؤكد أن مدينة القدس عربية الأصل في النشأة والتكوين، أما المزاعم التي يرددها "الإسرائيليون"، والخطط التي راحت "إسرائيل" تضعها لاستلاب هذه المدينة العربية الإسلامية، ما هي إلا تزييف لحقائق التاريخ، حاولت بها خداع العالم وتضليله لإثبات أحقيتهم الزائفة لهذه المدينة العربية الفلسطينية.

ثم أين هذه القدس التي يتحدثون عنها ؟ إنها أورشليم التاريخية..، التي بحثوا عن أي أثر لها في منطقة القدس لعشرات السنوات عبر الحفريات التي لا تنتهي، فلم يجدوا سوى آثار لمواقع إسلامية ورومانية، ومع ذلك زادت ادعاءاتهم التي ليس لها من سند إلا القوة العسكرية وظروف الشرعية الدولية العرجاء.
أورشليم هذه التي يتحدث عنها "الإسرائيليون"، هدمها الرومان، وأزالوها من الوجود، أورشليم تلك اندثرت، ثم جاء المسلمون وفتحوا المدينة، التي لم يأخذوها من اليهود، بل أخذوها من الرومان أعداء اليهود، وقد استمر حكم المسلمين فيها اثني عشر قرناً متواصلةً من الزمان، حكم فيها المسلمون الشام بما فيه فلسطين والقدس الشريف، ثم إن المسلمين تملكوا أرضها بالطرق الشرعية، وأوقفوا أكثرها على الخير والبر والعبادة، فلم تُهدم، ولم تحرق، ولم تُستباح، ولم يُروّع سكانها في عهدهم، ولم يحدث في تاريخ القدس ما يشكك في أصولها العربية، وهويتها الإسلامية.

المصادر والمراجع

(1)  انظر: الكتاب المقدس، العهد القديم: أسفار (التكوين- الخروج- التثنية- يشوع – القضاة - صمويل الأول- عزرا)، علي : التوراة الهيروغليفية ، ص 87 ،  Yehia, Die Heiligkeit Jerusalems. P. 132.
(2)  انظر : البلاذري : فتوح البلدان ، ص 144 ، السيوطي : إتحاف الأخصّا ، ق 1 ، ص 93-95 ، الذهبي : تاريخ الإسلام ، ص 162-163 ، عز الدين : القدس ، ص 9-16 ، شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 15 ، 57 . دائرة المعارف اليهودية العامة: جـ 8، ص 358، نقلاً عن: ظفر الإسلام خان، تاريخ فلسطين القديم، ص 153، د. محمود حمدي زقزوق: موسوعة المفاهيم الإسلامية- النموذج التجريبي، انظر أيضاً: بيت المقدس، ص 38-39، محمد صبيح: القدس ومعاركنا الكبرى، ص 157-158، يواكيم مبارك: القدس القضية، ترجمة: مها فرح الخوري، ص 8، سامي محمد عبد الحميد: القدس في اليهودية والمسيحية والإسلام، ص 69 .
(3)  شريف : مدخل لدراسة مطامع اليهود في فلسطين قديماً وحديثاً ، ص 27 ، د. محمد خليفة حسن: عروبة القدس في التاريخ القديم ، ص 9 ، ص 53. د. جوزيف موسى حجار : القدس- ماضيها وحاضرها ، ص 8. د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي: هل لإسرائيل حق تاريخي في فلسطين، ص 157 ، ص 174.
Niemann, Jerusalem im Spannungsfeld des israelisch - arabischen Konflikts. P. 213.
(4)  حتّي : تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين ، ص 88 ، سفر العدد 13/28 ،Fritsch, Jerusalem: Stadt des Friedens - Stadt der Religionen. P. 58
 (5) شريف : مدخل ، ص 28-29 ،Becker, Jerusalem mit Bethlehem, Hebron. P. 102
  (6)حتي : تاريخ سوريا ، ص 123 .
 (7) حتي : تاريخ سوريا ، ص 123 ،Yehia, Die Heiligkeit Jerusalems. P. 153.
(8)  شارف : تاريخ مصر من فجر التاريخ حتى إنشاء مدينة الإسكندرية ، ص 158 .
(9)  الطاهر : تاريخ فلسطين ولأردن ، ص 127 ،Busse, Jerusalemer Heiligtumstraditionen. P. 69.
(10)  سفر تكوين : 15/18 ، سفر خروج : 3/8 ، 17-18 ، 33/2 ، سفر يشوع : 3/11 ، 9/2-3 ، 12/8-10 ، سفر قضاة : 1/8 ، 15/21 .
(11)  انظر لسان العرب : مادة كنع
(12)  عز الدين : القدس تاريخياً وجغرافياً ، ص 16 ، راشد : القدس عربية إسلامية ، ص 31 .
(13)  الطبري : ج 1 ، ص 103 ، ابن خلدون : ج 1 ، ص 42 . والعماليق هم بنو عمليق بن لاوز .
  Kenyon, Archaeology in the Holy Land, P. 317 , 117. Becker, Jerusalem mit Bethlehem, Hebron. P. 93(14).
(15)Kenyon, op.cit., pp. 317-318.. 
(16)  سفر تكوين : 14/18-19 .
(17)  سفر نحميا : 11/2 ، سفر اشعيا : 48/2، د. محمد محمد الفحام: المسلمون واسترداد بيت المقدس، ص 8-9، د. محمد حسن عبد الخالق: القدس في عيون يهودية، ص 2072-2075 .
(18)  زايد : القدس الخالدة ، ص 40  .Rupprecht, Der Tempel von Jerusalem. P. 105.
(19)  سفر تكوين : 14/18 ، زايد : القدس الخالدة ،ص 40 .
  (20)قاموس الكتاب المقدس ، ص 922 .
 (21) سفر مزامير : 110/4 .
  (22)أستير : ص ، 2-10 ، أما الأسماء العربية كما وردت في العهد القديم بالترتيب : سفر أخبار الأيام الأول : 11/34 ، 11/30 ، 27/15 ، سفر نحميا : 12/29 ، سفر الملوك الثاني : 23/36 .
 (23) سفر تكوين : 37/25-28 ، سفر الملوك الأول : 10/15 ، سفر أرميا : 25/23-24 .
(24)  سفر تكوين : 25/13 .
, 15, 1956, pp. 1-9  Rabinowitz, Aramaic Inscriptions, in JNES (25)
 ( 26)سفر تكوين : 37/25-28 .
 (27) سفر نشيد الإنشاد : 1/8 ، سفر أرميا : 49/38-39 ، سفر اشعيا : 42/10-11 .
  (28)سفر قضاة : 19/1-4 .
  (29)سفر الملوك الأول : 9/20-21 ، سفر اشعيا : 64/9-10 ، سفر أرميا : 2/9-10 ، 49/38-39 .
 (30) ميخائيل : مصر والشرق الأدنى القديم ، ج 3 ، ص 368 .
(31)  سفر نحميا : 4/6 .
(32)  سفر صموئيل الثاني : 24/10-25 ، سفر أخبار الأيام الأول : 21/17-26 .
 (33) مصطفى : اليبوسيون في القدس القديمة ص ، 230-231 ،
Prittie, Wem gehoert Jerusalem? P. 197.
(34)  شارف : تاريخ مصر ، ص 158، د. سيد فرج راشد: القدس عربية إسلامية، ص 31 ، ص 58
Busse, Jerusalemer Heiligtumstraditionen. P. 83.
(35)  سورة البقرة : الآيات 49-51 .
 (36) سورة الأعراف : آية 138 .
  (37)سورة طه : آية 85 ، قارن : سفر الخروج : 32/4 .
 (38)) سورة الأعراف : آية 154 .
  (39)  سفر الخروج : 34/28 .
 (40) سورة الأعراف : آية 145 .
 (41) ابن خلدون : العبر ، ج 2 - ق 1 ، ص 38 .
(42)  شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 164 ،
Rupprecht, Der Tempel von Jerusalem. P. 79.
 (43) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج 1 ، ص 307 ،
Rupprecht, Der Tempel von Jerusalem. P. 78.
(44)  سورة الصفّ : آية 5 .
(45)  سورة المائدة : الآيات 21-22 ، 24-26 .
 (46) شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 171 ، بيسان عدوان: الهيكل الثالث في الحرم القدسي، ص 89 ، ص 92 ،
Prittie, Wem gehoert Jerusalem? P. 118
 (47) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج 1 ، ص 323 ، ج 2 ، ص 7 ، الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 470-471 ، قارن : سفر الخروج : 17/9 ، 24/13 ، سفر يشوع : 10/1-27 ، 15/35 ، سفر صموئيل الأول : 4/10 ، 6/1 ، 10-11 ، 7/3-4 ، د. جوزيف موسى حجار، : القدس- ماضيها وحاضرها ، ص 7.
(48)  الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 467 ،
Wencel, Die Geschichte von der Zerstoerung Jerusalem. BL 15 (Hs.). 1591.
 (49) سورة البقرة : آية 247 .
(50)  سورة البقرة : آية 248 .
 (51) سورة البقرة : آية 249-251 ، سفر صموئيل : 17 ، 31/6 ، سفر الملوك الأول : 2/11 ، الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 472-473 ، 475 .
(52)  سفر أخبار الأيام الأول : 11/4-5 .
 (53) عز الدين : القدس ، ص 20 ،
Niemann, Jerusalem im Spannungsfeld des israelisch - arabischen Konflikts. P. 237.
(54)  سورة النمل : آية 17 .
(55)  سورة ص : آية 36-37 .
(56)  شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 179 ،Niemann, Jerusalem im Spannungsfeld des israelisch - arabischen Konflikts. P. 266.
  (57)الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 503 .
 (58) ابن خلدون : العبر ، ج 2- ق 1 ، ص 97-98 . ، قارن : سفر أخبار الأيام الثاني : 3/1-2 ، سفر الملوك الأول : 6/1-38 ، 7/1،21،51 ، 8/1،9 .
(59)  السيوطي : إتحاف الأخصا ، ق 1 ، ص 120 .
 (60) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج 1 ، ص 162 .
(61)  فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، سنن النسائي ـ المساجد : الحديث رقم 683 . راجع الموقع الإلكتروني للمملكة العربية السعودية ـ وزارة  الشؤون والإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .www.hadith.al-islam.com
(62)  السيوطي : إتحاف الأخصا ، ق 2 ، ص 8 ، شرح سنن النسائي للسيوطي ، وشرح سنن النسائي للسندي حسب الموقع الإلكتروني السابق للمملكة العربية السعودية .
  (63)سفر الملوك الأول:11/40-43 ، الطبري : تاريخ، ج 1، ص 517 ، عبده : اليهود واليهودية، عقيدة وتاريخاً ، ص ، 157-158، عبد التواب مصطفى: نقض شريعة الهيكل، صفحات: 18-19، 24-25، 132-133 .
(64)  سفر أخبار الأيام الثاني : 12/1 ، 3-4 ، برستد : تاريخ مصر من أقدم العصور إلى الفتح الفارسي ، ص 357-358 ، السيوطي : إتحاف الأخصا ، ق 2 ، ص 191 ، عبده : اليهود واليهودية ، ص 159 .
 (65) سفر الملوك الثاني : 18/15-16 ، 19/35-36 ، الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 535 ، السعدي : في تاريخ الشرق الأدنى القديم ، ج 2 ، ص 187-188 ، عز الدين : القدس ، ص 21 ،
Roth, A Short History of the Jewish People, pp. 28-29 .
(66)  سفر الملوك الثاني : 24/12 ، الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص536 ، السعدي : في تاريخ الشرق الأدنى ، ج 2 ، ص 204 ،
Malamat, The Last Wars of the Kingdom of Judah. In JNES, 9, PP. 223-224 .
(67)  سفر الملوك الثاني : 25/7 ، 22 ، سفر أرميا : 39/6-7 ، الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 536 ، ببرستد : تاريخ مصر ، ص 395 ، السعدي : في تاريخ الشرق الأدنى ، ج 2 ص ، 205 ، عبد التواب مصطفى: نقض شريعة الهيكل، صفحات: 18-19، 24-25، 132-133 ،
Malamat, the Last Wars, P. 224 , Cook, Israel, P.401 , Noth, The History of Israel, P. 536, 402, 403. Wencel, Die Geschichte von der Zerstoerung Jerusalem. BL. 17 (Hs.).
(68)  الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 536 .
 (69) الطبري : تاريخ ج 1 ، ص 536 ، 591 ، ابن كثير البداية والنهاية : ج 2 ، ص 38-39 ، ابن الجوزي : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ، ج 2 ، ص 11 . قارن : سفر أرميا : 25/9 .
  Noth, The History, PP. 286, 287. Wencel, Andreas: Die Geschichte von der Zerstoerung Jerusalem. BL. 19 (Hs.).(70)
 (71) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 2 ، ص 13 ، السيوطي : إتحاف الأخصا ، ق 1 ، ص 125 . عبده : اليهود واليهودية ، ص 160 ، زايد : القدس الخالدة ، ص 99-100 ، شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 316 .
  (72)زايد : القدس الخالدة ، ص 110 ، عز الدين : القدس ، ص 23 ، شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 334 ،
Fritsch, Jerusalem: Stadt des Friedens - Stadt der Religionen. P. 83.
(73)  العبر ، ج 2 ، ق 1 ، ص 134 ، زايد : القدس الخالدة ، ص 122-125 ، عز الدين : القدس ، ص 24 ، شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 180 .
(74)  إنجيل متى : 21/13 .
 (75) إنجيل متى : 24/2 .
(76)  إنجيل متى : 23/37-38 .
 (77) عثمان : تاريخ اليهود ، ج 2 ، ص 87-90 ، سالم : تاريخ العرب قبل الإسلام ، ص 166 ، عبد التواب مصطفى: نقض شريعة الهيكل، صفحات: 18-19، 24-25، 132-133 ،
Wencel, Die Geschichte von der Zerstoerung Jerusalem. BL. 15 (Hs.)
 (78) سالم : تاريخ العرب قبل الإسلام ، ص 433 .
(79)  الطبري : تاريخ ، ج 1 ، ص 581 .
 (80) ابن خلدون : العبر ، ج 2 ، ق 1 ، ص 140 ،
Rupprecht, Der Tempel von Jerusalem. P. 92.
(81)  السيوطي : إتحاف الأخصا ، ق 2 ، ص 192-193 ، سالم : تاريخ العرب قبل الإسلام ، ص 433 ، شنودة : المجتمع اليهودي ، ص 182 ، عز الدين : القدس ، ص 75 ،
Prittie, Wem gehoert Jerusalem? P. 236.
(82)  الدرفيكي : بلدانية فلسطين العربية ، ص 203 ،Yehia, Die Heiligkeit Jerusalems. 235.

No comments:

Post a Comment

شارك برايك