Wednesday, 30 March 2011

نص البيان الختامي لمؤتمر القدس السادس في الدوحة

المصدر: مؤسسة القدس الدوليّة- الدوحة:


 

 

البيان الختامي
لمؤتمر القدس السنوي السادس في قطر


بسم الله الرحمن الرحيم

في رحاب دولة قطر، صاحبة الدور الرائد في تعزيز العلاقات العربية والإسلامية، وفي لم شمل الأمة وقواها وقياداتها، وحل خلافاتها، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله، وفي جوٍ من الشعور بأهمية جمع الأمة بكل أطيافها على قضيتها الأساس فلسطين، ودرّتها القدس، عاصمة فلسطين، وخصوصاً بعد تصاعد الاعتداءات على مقدساتها، وانتهاك حرية أهلها، وتكثيف العمل على تهويدها، انعقد مؤتمر القدس السنوي السادس ما بين 12 إلى 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2008م، الموافق 13-15 شوال 1429 هـ في العاصمة القطرية- الدوحة، بحضور نحو 400 شخصية من مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية والشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس.

واستمع المؤتمر في يومه الأول إلى كلمة رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية العلاّمة الدكتور يوسف القرضاوي، وعدد من قيادات الأمة ورموزها، وذكر المؤتمر بإجلال وإكبار الشيخ المرحوم عبد الله الأحمر ودوره الكبير في المؤسسة، وما بذله في سبيل القدس وفلسطين. كما هنأ المؤتمر الدكتور محمد هداية نور وحيد على انتخابه نائباً لرئيس مجلس الأمناء. وناقش المؤتمر في جلساته المتتالية جملة تقارير قدّمها رئيس مجلس الإدارة وأعضاؤها، والأمين العام في مؤسسة القدس، وأعضاء الشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس، ورؤساء الفروع ومندوبيها؛ حول المشاريع المنجزة في القدس للعامين 2007/2008، وناقش المؤتمر تقدُّم الوضع الإداري في المؤسسة وفروعها والروابط التي أطلقتها، ولا سيما رابطة شباب لأجل القدس، إضافة إلى سبل تطوير آفاق الشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس، كما بحث المؤتمر باهتمام واقع الحفريات في القدس، ولا سيما تحت المسجد الأقصى، وواقع المقدسات المسيحية، وخطورة التهويد المستمر، وسبل دعم صمود المجتمع المقدسي.

وقد أكدّت كلمات الجلسة الختامية التي تناوب على الكلام فيها، حشد من الشخصيات الاعتبارية على مستوى الأمة، أن الدفاع عن القدس، حاضنة الإرث الثقافي الإنساني، هو واجب الأمة جمعاء، وواجب أحرار العالم كافة، فضلاً عن كونه فريضة دينية وقومية وإنسانية، من أجلها ترخص كل التضحيات، وتـُتجاوز كل الخلافات.

وقد نبّه المؤتمر إلى وجوب احترام كرامة الإنسان الفلسطيني وحقوقه المشروعة، التي تكفلها جميع الشرائع والقوانين، كما أكد على ضرورة استنفار الهمم لمواجهة التهديدات التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية والمسيحية، وخصوصاً المسجد الأقصى المبارك، ومواجهة مخططات السيطرة على أجزاء منه، والتدخل المباشر فيه، وإعاقة حرية الوصول إليها وإقامة مدينة يهودية بموازاة البلدة القديمة للقدس يكون مركزها المسجد الأقصى. ولذلك فقد حذر المؤتمر من أننا أصبحنا في مرحلةٍ حاسمةٍ من تاريخ الصراع على القدس، وأن ما يحصل الآن، أو ما سيحصل في الأعوام القليلة المقبلة من شأنه أن يحسم مصير المسجد الأقصى. لذا فإن الجماهير والحكومات العربية والإسلامية مدعوة للتحرك دفاعاً عن قبلتها الأولى، كما أن المطلوب من الحكومات العربية والإسلامية أن تعطى هذه المسألة ما تستحق من أولوية، وألا تتعامل معها وكأنها شأن داخلي فلسطيني، وأن تقوم المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث الروحي والحضاري والثقافي، والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بما يفرضه عليها الواجب إزاء هذه القضية الأساس.

ولقد تدارس المؤتمر تقارير إنجاز مؤسسة القدس الدولية، ورأى أن المؤسسة قد تمكّنت -بحمد الله عز وجل- على مدى 7 سنواتٍ أن تقوم بجهود طيبة، حتى أصبحت اليوم إحدى المرجعيّات الأساسيّة لمدينة القدس في العالم العربيّ والإسلاميّ، وأنها حققت منذ مؤتمرها الخامس في الجزائر قبل 18 شهراً وحتى اليوم، جزءاً كبيراً من الأهداف التي وضعتها نُصب عينيها في مجالات؛ الدعم والتمويل (مشروعات القدس)، والإعلام والمعلومات، والعلاقات والتعاون، والحشد وتجميع الجهود، بالرغم من إدراكها أنّ حجم قضية القدس كبير لدرجة أنه يحتاج إلى تضافر جهود كل المؤسسات والشعوب والحكومات. وقد دعا المؤتمر إدارة المؤسسة للعمل على تفعيل فروع مؤسسة القدس وتطويرها، وفتح فروع جديدة، حتى تتمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها الطموحة. وأكد المؤتمر على ضرورة تفعيل دور أعضاء مجلس الأمناء.
وبعد مناقشات موسعة أصدر المؤتمر جملة القرارات والتوصيات الآتية:

أولاً: يشكر المؤتمر لدولة قطر، أميراً وحكومةً وشعباً، رعايتها السامية واستضافتها المميزة لمؤتمر القدس السادس، وينوه بالجهد الكبير الذي بذلته الحكومة القطرية، في مجالات الإدارة والتنظيم والضيافة.

ثانياً: يقدر المؤتمر عالياً التجاوب مع مشروع "وقف الأمة لبيت المقدس"، الذي أطلقته المؤسسة في مؤتمرها الرابع في اليمن، والذي أثمر حتى الآن مشاريع كبرى قيد الإنجاز في كل من اليمن والبحرين والجزائر ولبنان، بتمويل من عدد من الحكومات والمؤسسات العربية، كما يشكر مبادرة سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على وضعه الحجر الأساس لمشروع برج القدس الخيري في قطر. ويدعو المؤتمر إدارة مؤسسة القدس إلى إعداد منظومة عمل متكاملة في كيفية إنشاء "وقف بيت المقدس" وإدارته ومتابعته.

ثالثاً: يؤكد المؤتمر على أن أمتنا ما تزال تنبض بالخير، والعطاء، وأن أمسية القدس الخيرية، التي أقيمت في أثناء المؤتمر والتي افتتحت بتبرع كريم من سمو أمير قطر، والتي زاد مجموع تبرعاتها عن 17 مليون دولار، كانت نموذجاً لهذا الخير، الذي يحتاج منا إلى مجهود أكبر لتشجيعه وتوظيفه بالشكل الصحيح لخدمة القدس وقضية فلسطين.

رابعاً: أخذ المؤتمر علماً بالإنجازات المهمة التي حققتها مؤسسة القدس في الفترة التي تلت المؤتمر الخامس وحتى الآن، (نيسان/أبريل 2007 – تشرين الأول/أكتوبر 2008) وقد شمل ذلك إنجاز خمسة مشاريع للحفاظ على المقدسات، وخمسة مشاريع تعليمية وأربعة مشاريع صحية وثلاثة مشاريع للإسكان والأراضي فضلاً عن عدد من المشاريع العامة من أنشطة صيفية وكفالة أسر وطباعة مصاحف وغيرها، وهي مشاريع بلغت قيمتها أكثر من ثمانية ملايين دولار. وقد حيّا المؤتمر الأخوة المسؤولين والعاملين في المؤسسة على هذه الإنجازات، داعياً إلى المزيد من العمل الجاد دعماً للقدس وأهلها.

خامساً: اطلع المجلس على أنشطة مؤسسة القدس الدولية، والشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس في الخارج، بما في ذلك إصداراتها وحملاتها الإعلامية والثقافية وأنشطة المكاتب الخارجية وافتتاح فرعي سورية ومصر، وإقامة المؤتمرات والملتقيات وعلى رأسها ملتقى القدس الدولي، ونوه المجلس بالدور المميز الذي يقوم به الأمين العام ومجلس الإدارة والموظفون في سبيل إنجاح عمل المؤسسة وتحقيق أهدافها.

سادساً: لقد شكّل الإعلان عن القدس عاصمة للثقافة العربية لسنة 2009، تحدياً حقيقياً أمام الأمة العربية، بكل أطيافها ومكوناتها، الرسمية والشعبية، إذ أضحت الأمة أمام اختبار عملي تترجم فيه تقديرها للقدس، وتثبت من خلاله أنها أمة تستحق القدس، وأن القدس عاصمة عالمية لحوار الثقافات، ولقيم الخير والتسامح والعطاء. لذا فإن المؤتمر يدعو إلى تنظيم أوسع الفعاليات الثقافية الرسمية والشعبية، وإلى أكبر مشاركة في هذه الفعاليات، التي ستقام في مختلف العواصم العربية من أجل القدس.

سابعاً: يدعو المؤتمر الأمة العربية والإسلامية وحكامها إلى تحدي الخوف وكسر الحصار الظالم على فلسطين وعلى قطاع غزة بصورة خاصة، ومساعدة الشعب الفلسطيني على تخطي حالة الانقسام الخطير التي يعانيها، لما لذلك من أثر بالغ على القضية الفلسطينية عموماً وعلى القدس خصوصاً. ويدعو المؤتمر في هذا المجال إلى مبادرات طيبة، ومؤتمرات للمصالحة، لرأب الصدع وإنهاء الانقسام.

ثامناً: يستنكر المؤتمر الحفريات الجارية تحت المسجد الأقصى، ولا سيما في المنطقة الجنوبية والغربية منه، إضافة إلى الاعتداء على مقبرة الرحمة، شرقي المسجد ومحاولة فرض الطابع اليهودي عليها، والتدخل المباشر في عمل دائرة الأوقاف الإسلامية وفي حركة المصلين. ويدعو المؤتمر الجماهير العربية والإسلامية إلى تكثيف تحركها لمناصرة القدس، كما يدعو الحكومات العربية والإسلامية للعمل وفق استراتيجية واضحة، يكون فيها المس بالثوابت الفلسطينية وعلى رأسها قضية القدس وهويتها ومقدساتها، وخصوصاً المسجد الأقصى خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه.

تاسعاً: يدعو المؤتمر المجالس النيابية العربية والإسلامية لتشكيل لجان للقدس وفلسطين، وتفعيل دور هذه اللجان، للقيام بما يتناسب مع حجم المخاطر التي تحيق بالقدس وفلسطين. كما يدعو المؤتمر السلطة الفلسطينية إلى مواجهة ما يجري في القدس والمسجد الأقصى، و إلى وقف اللقاءات والاجتماعات مع الجانب الإسرائيلي، بعدما أثبتت التجربة عدم جدواها.

عاشراً: يؤكد المؤتمر على ما ورد في إعلان اسطنبول التاريخي، الصادر في 17 تشرين ثاني/ نوفمبر 2007، ولا سيما إدانة الممارسات الاستيطانية العنصرية التي تستهدف محو معالم القدس وتهويدها، كما يؤكد المؤتمر على حق العودة للاجئين والنازحين والمهجرين باعتباره حقاً لا يمكن المساومة عليه أو التنازل عنه، وعلى وقف كل أشكال التطبيع مع الصهاينة، وإلى إطلاق الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأن تتحمل جامعة الدول العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة مسؤولياتها في هذا الإطار.

حادي عشر: يدعو المؤتمر كافة جهات الاختصاص والقطاعات المهنية والأكاديمية للقيام بدورها في دعم صمود أهلنا في القدس، وثباتهم على أرضهم، والمحافظة على هوية القدس وتراثها الحضاري؛ وينوه إلى الأدوار الكبيرة المنشودة من العلماء، والحقوقيين، والإعلاميين، والتربويين، والأدباء والكتاب، والمؤرخين، ومؤسسات المجتمع المدني، حتى تكون قضية القدس حاضرة على جميع المستويات الشعبية والمنابر الدولية، وفي مناهج الدراسة والتعليم.

ثاني عشر: يشيد المؤتمر بالأفكار والمشاريع المقترحة التي قدمها المشاركون، والتي ستسعى مؤسسة القدس والشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس لتضمينها في خطتها وتنفيذ كل ما يمكن منها على الأرض، بما في ذلك مشاريع إسكان أهل القدس، والمشاريع الصحية والتعليمية ومكافحة التهجير والآفات الاجتماعية، ومعالجة البطالة .. وغيرها.

ثالث عشر: يدعو المؤتمر إلى مزيد من تفعيل تنسيق الجهود بين الهيئات والمؤسسات العاملة لأجل القدس في الداخل والخارج، ليتم حشد الطاقات وتوجيه العمل ومنع التعارض ، ليصل إلى أقصى درجات الكفاءة والفعالية والإنجاز.

رابع عشر: إن القدس رمز لإجماع الأمة وإن نجاح المواجهة مع الاحتلال الصهيوني يحتاج إلى وحدة الأمة، خصوصاً أن مواجهة هذا الاحتلال الخطير يعدّ نقطة إجماع بين العرب والمسلمين، وبالتالي فإن الخلافات السياسية والدينية والمذهبية يجب أن تتراجع إلى مرتبة ثانوية من أجل مواجهة الاحتلال وغطرسته.

خامس عشر: يوجه المؤتمر تحية للشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة في التصدي للاحتلال الصهيوني، كما يوجّه التحية للأسرى في سجون الاحتلال. كما يحيي صمود أهلنا في فلسطين المحتلة سنة 1948 ودورهم في الحفاظ على المقدسات ووقوفهم في وجه الممارسات الصهيونية العنصرية.

ومعا بإذن الله من أجل القدس... نحميها معاً، ونستعيدها معاً

No comments:

Post a Comment

شارك برايك